زين العابدين الغامدي في أدبيات التربية الأسرية أشياء لا يمكن تجاهلها في قوانين التربية القديمة والحديثة، ومن أبرزها وسيلة الضرب المتعارف عليها من قديم الزمن، إلا أن الأدب النبوي الكريم لم يتجه في أي من توجيهاته النبوية إلى استخدام الضرب كوسيلة تأديب، ولكنه في المقابل لم ينكر تلك الوسيلة المتعارف عليها عند العرب، إذا كانت في حدود المعقول والمقبول، وحين استشارته إحدى النساء في الزواج من رجل أشار عليها بغيره بسبب إنه كثير الضرب لزوجاته، وكان من أدبه أنه لا يضرب المرأة ولم يثبت أنه ضرب أحدا فضلا عن امرأة. ومع تطور رؤى التربية وتنوع أساليبها إلا أن الضرب للطفل أو المرأة في حالة التمرد أو النشوز يعد مشروعاً شريطة ألا ينتهك كرامة المضروب كضربه في الوجه أو أن يكسر له عضوا أو يتجاوز حدود التأديب ولا يكون مقصوده مجرد الإهانة. وفي تاريخ المربين كانت العصا سحرية في التأديب وغالب المبدعين والعظماء في عالمنا اليوم تشهد سيرهم الذاتية بكونهم تعرضوا للضرب بغرض التأديب من معلميهم وهي كثيرة لا تخفى. واليوم تظهر نغمة جديدة بأن الضرب نوع من التعنيف الذي لا يجوز شرعاً وقانوناً مما فتح الباب على مصراعيه لتعدي الطلبة على معلميهم سواء بالاعتداء اللفظي أو المعنوي، في حوادث مسجلة تمت وقائعها في أروقة المدارس التعليمية بسبب أمن العقاب، وشهدنا ألوانا كثيرة وخطيرة من تسيب الأبناء والبنات وتمردهم بسبب غياب التأديب، كما توسعت الفجوة في الأسر وكثر نشوز الزوجات على أزواجهم بدعاوى الحرية الشخصية وعدم الانصياع لأدب العشرة، وتخلخلت كثير من الزيجات بنشوز زوجات وتمادى بعضهن بادعاء التعنيف، وتجرأت المرأة على الرجل بما لا مثيل له في العصر الحاضر. التأديب في حدود شرعية وقانونية بالضرب أو بغيره لا مناص منه في حالات التمرد والتنمر، ولا عبرة بدعاوى تعنيف صورية تحاول كسر هيبة الأسرة وعزل سلطة الأب عن البنين التي يروجها الذين لا يؤمنون بالأسرة وأدبياتها. وإذا استطاع الأب المربي والزوج الحكيم أن يحل عقد الأبناء التي تبعثهم على التمرد سواء من البنين أو البنات بأسلوب لين ورحيم فهو أولى من العنف وقطع أواصر الود في الأسرة. ويبقى التأديب بالعقوبة المناسبة علاجاً أخيراً عند استيفاء طرق التأديب بشتى وسائله وأساليبه. لسنا مع تعنيف ينتهك كرامة الطفل والمرأة ولكننا أيضا لسنا مع تمرد الأبناء ونشوز الزوجات وتحررهن من قوامة الرجل وكيان الأسرة.