عبدالقادر الغامدي عندما يعطي الأب أمثالا في الأخلاق ولا يلتزم بها فإن الأبناء تلقائيا يستخفون بما يقوله والدهم. وعندما يعطي المعلم دروسا في الأخلاق ولا يلتزم بها فإنه سوف يتعرض لكثير من السخرية واللامبالاة من قبل تلاميذه. وهذا ينطبق على كل من ينهى عن منكر ويقترف هو نفس المنكر. وهذا للأسف ينطبق على مرورنا العزيز إذا اعتبرنا أن عدم ربط الحزام واستعمال الجوال أثناء القيادة منكر لما يترتب على فاعله إنزال العقوبة عليه. فمعظم منسوبي المرور لا يربطون الحزام، ويستعملون الجوالات أثناء القيادة، علما أنهم هم أول من يفترض أن يتقيد بأنظمة المرور مع الحملات وبدون الحملات وإلى الأبد. قبل عشر سنوات تقريبا قام المرور بحملة جادة لإلزام قائدي المركبات بربط حزام الأمان. وكانت الحملة ناجحة، وتقيد بها كثير من الناس، رغم أنها كانت بالتوعية والنصح فقط، ولم يصاحبها إصدار مخالفات على من لا يتقيد بها، ولكن وبعد أن لوحظ أن من قاموا بالحملة وينصحون الناس بها هم من لا يطبقها، وأقصد رجال المرور، بدأت الحملة تتلاشى شيئا فشيئا، إلى أن اختفت في زمن وجيز. وهذه الأيام يقوم المرور بحملة جادة أيضا لإلزام قائدي المركبات بربط حزام الأمان وعدم استعمال الجوال، ويصاحب الحملة هذه المرة تقنيات آلية وتصوير كاميرات وإصدار مخالفات. سعدت كثيرا صبيحة تطبيق الحملة عندما شاهدت جميع قائدي المركبات متقيدين بربط حزام الأمان، ولكن شوه ذلك المنظر الجميل رؤية قائد إحدى المركبات الأمنية وهو يقود المركبة بزيه الرسمي وأثناء عمله الرسمي غير متقيد بربط الحزام. وقد نشرت تغريدة في حينها على حساب المرور الرسمي في تويتر للفت أنظارهم إلى المنظر الغريب الذي رأيته. في اليوم التالي رأيت منظرا آخر أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه غريب وغير لائق ومستفز، وذلك حينما رأيت دورية للمرور يقودها رجل المرور، وأثناء الدوام الرسمي غير متقيد بربط الحزام. ليس هذا فقط، بل عطل حركة المرور لبعض الوقت عند الإشارة بسبب استخدامه الجوال. والله كدت أطلع من (طوري) وأنزل من السيارة لأعاتب رجل المرور على فعلته غير المقبولة على الإطلاق. يا مرورنا العزيز، الناس سيتقيدون بتعليماتكم إن كنتم أنتم أنفسكم تلتزمون بها. يجب أن يكون الهدف الإستراتيجي من الحملة زرع ثقافة الانضباط المروري عند قائدي المركبات، وليس فقط نشاطا حماسيا وعاطفيا يبدأ بقوة ويصدقه الناس، ثم يخف ويتلاشى مع مرور الأيام.