سيطر هاجس غياب الحرية والقمع السياسي على مناقشات النقاد والروائيين المشاركين في فعاليات ملتقى القاهرة الدولي الخامس للإبداع الروائي تحت عنوان "الرواية العربية إلى أين؟". مؤكدين أن المبدع العربي مكبل بالقمع السياسي في ظل غياب للحرية. وقال الناقد والمترجم الأردني الدكتور محمد شاهين في الجلسة التي أدارها الناقد المصري الدكتور جابر عصفور إن الرواية لا تتمتع بالحرية الكافية في العالم العربي، وتناول شاهين قضية الرواية بوصفها حرية بديلة، وقال: كثير من الروايات تصور مفهوم الرواية بوصفها حرية بديلة ويكاد يكون هذا المفهوم يصلح أن يكون تعريفا عاما ينسحب على الرواية بشكل عام بل إنه مدخل صدق لتعرف الإبداع الروائي وهو ينقل لنا هذا التوجه الأساسي عند الروائي بداية، مشيرا إلى أن الحرية البديلة ترتكز على عنصرين أساسيين، الأول هو الزمن وهو زمن غير الزمن المعيش أما العنصر الثاني فهو يتعلق بالعلاقة الجديدة بين التاريخ والرواية. من جانبه أكد الناقد الفلسطيني فيصل دراج أن الأنظمة القمعية التي نشأت في العالم العربي في الستينات من القرن الماضي ساهمت في تطور فن الرواية، ومنحت الأشكال الروائية ولادة جديدة. مشيرا إلى أن ثلاث روايات ظهرت في الخمسينات تواجه السلطة، باستبدادها، وضرب المثل برواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ التي صدرت عام 1959، و"الزيني بركات" لجمال الغيطاني و"نجمة أغسطس" للروائي صنع الله إبراهيم. مشيرا إلى أن الأنظمة القمعية أسست لبلاغة المقموعين، حيث ظهرت الرواية العربية مدافعة عن كرامة الإنسان، ومتصدية للسلطة المستبدة. مشيرا إلى أن الرواية الآن بدأت تنأى عن مواجهة الحاكم المستبد الباقي في مقعده إلى الأبد، بفضح الطائفية والعنف وغيرها من الأشياء التي طفت على السطح وشكلت ما سماه دراج بالتسلط الاجتماعي. أما الروائي الجزائري واسيني الأعرج، فحدد عدة معضلات تواجه الرواية العربية في العصر الحالي، ومنها التاريخ والهوية، مؤكدا على أن الروائي صار عليه أن يعمل مؤرخا لإعادة الصفحات المنزوعة من التاريخ إلى مكانها، ويلملم القطع المكسورة من اللوحات التاريخية لاستكمال ما تم تزييفه وتزويره منه، مضيفا: أن الأسئلة التي تطرحها الرواية العربية اليوم معقدة وكثيرة، وتنشأ ضمن سلة من المشكلات، أولها أن المجتمع متخلف لم يحقق أي وعد من وعوده، وغارق في أميته. وقال الأعرج: إن الكاتب العربي منذ اللحظة الأولى مجرد من أهم أسلحته، وهم عدد قرائه الذين تصل الأمية فيهم إلى 70%، ويجد نفسه أمام 30% فقط تسيطر عليهم اتجاهات إعلامية وأصولية متعددة. وتناول الناقد المصري الدكتور إبراهيم فتحي في مداخلته التجريب في الرواية، موضحا أنه يضفي عليها مرونة، وتجديدا مستمرا، وعرفه بأنه الابتداع في أساليب إبداعية جديدة، وعقّب الدكتور جابر عصفور على كلمة فتحي مشيرا إلى أن الرواية فعل تجريبي بامتياز. مؤكدا على أنه منذ نشأة الرواية لم يكن أمامها إلا أن تُجرب، قائلا: لم تعرف الرواية شكلها الثابت حتى عام 1912، مع رواية "زينب" لهيكل، والتجريب سمة أساسية في الرواية العربية، ولحسن حظها غير محملة بتراث حديدي مثل ذلك المميز للشعر. مؤكدا على أن الروائي متحرر أكثر من الشاعر الذي يبدأ الكتابة وفي ذهنه عدة قيود ينبغي الالتزام بها.