ذكرى خالد كبرت وآن الأوان أن أحكي قصتي، قصة منذ عبق الماضي، منذ أن كنت طفلا أمسك بحبل الطفولة، منذ أن كنت أعيش اللحظة، ألهو مع الزمن، وأركب أرجوحة الحياة، حتى صادفني يومٌ تغيرت فيه الأمور، ألقيت بطفولتي آنذاك، وأمسكت بزهرة العمر، فرحت أبحث عني فوجدتني شابا نبيلا، رفيقا للأحلام والطموحات، أتنفس هواء الهمة المنعش، أبني مستقبلي طوبة طوبة، لأفاجأ بأني أصبحت أبا لعدد من الأبناء، أصبحت ذا مسؤولية كبرى، أُربّي وأعلّم وأنصح، وإلى جانب مهمتي تلك فقد أصبحت في وظيفتي التي اخترتها لإفناء شبابي فيها، وبعد زمن ليس ببعيد، راودني شعور مؤلم، ألا وهو ذاك الشعور الذي يوحي إلي أني قد هرِمت، بل والدليل القاطع هي قدماي التي لم تبت تحملني، ورأسي الذي اشتعل شيبا، فذهبت حزينا، أمحو الدمع الغفير، فجلست في مكتبتي الصغيرة وعلى مكتبي، أمسكت بقلمي ورحت أنقش على ورقي كلمات من فيض مشاعري، رحت أحسب عمري وأحاسب نفسي، فوجدتني رفيقا للحياة منذ ثمانين عاما، ولكن لأخفف عني حزني، قمت أتذكر لحظات جمعتني بكتاب أو بوالدين أو بإخوة أو بصديق أو بحلم أو حتى بفكرة. نعم، وجدت بين طيّات حياتي لحظات لا تنسى، وعدت أشكر ربي على ما منحني من عظيم نعمه.