بشاير الخالدي نحن نُحب التضييق في عز الاتساع، وكثير من الأمور في حياتنا تُثبت ذلك، وهذه السطور تعطيكم مثالاً يوضح ما قصدت، الفتاة في بلدي جوهرة، والجوهرة معروف جداً أنها برّاقة، ولا يسمح أحد بهدم بريقها، فكيف لكم أن تعلنوا الحداد على بريقها في كل يوم تقرر فيه الخروج من منزلها! نعم يا لبيب أقصد العباءة التي شوّهتم سمعتها في السواد، وجعلتموها كئيبة جداً في حياتنا نحن النساء، وصرّحتم بألفاظ التقليل والسباب لكل من تخالف هذا اللون، حتى لو بكُلفة صغيرة بيضاء. «على طاري البياض» حتى الكفن الذي يُغطّي كلا الجنسين لونه أبيض ناصع يفتح النفس للانشراح، علما أن محله في عُمق الضيق! فما بالكم تقلّصون الاتساع في لون حالك مُظلم كئيب يعلن الموت في كل الدول المجاورة. الحشمة راقية والستر واجب والغيرة فطرة، لكن لماذا تحصرون هذه المصطلحات الراقية في خيمة سوداء؟ لماذا تعتبرون أن كل الألوان هاتكة للعفّة، ومقصد الفتاة بارتدائها ساخط؟ أتذكر مرة ظهرت على الشاشة فتاة أجنبية متحجبة بحجاب أزرق، وترتدي فستانا ساترا زاهيا بالورود، فقال أحدهم «يا حليلها محتشمة»، فسبحان الذي جعل الأجنبية محتشمة و«يا حليلها»، وجعل السعودية متبرجة في عباءة سوداء منقوش عليها تطريزات طفيفة باللون الكحلي.