ما بين ظهور أول فيلم سينمائي سعودي عام 1966 «تأنيب الضمير» للمخرج سعد الفريح ويومنا هذا مرحلة من الجفاف السينمائي مرت بها المملكة، ويبدو واضحا مدى تحقيق ما ذكره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من الرجوع للحالة الطبيعية التي كانت عليها المملكة قبل عام 1979، التي كان للصحوة دور في تعطل هذه الحياة، ولعل قرار وزارة الثقافة والإعلام الذي صدر يوم أمس بالموافقة على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور سينما في السعودية يعيدنا إلى حقبة السبعينات التي كانت دور السينما تتواجد بشكل كبير في مناطق مختلفة من المملكة. وصل ما انقطع قال الناقد السينمائي الدكتور فهد اليحيا: كانت الأفلام أسبوعية في النوادي والكليات والبيوت (يتم استئجار الأفلام وآلات العرض من ساحة المربع الشهيرة)، وبعض دور العرض البدائية كما في جدة ومكة والطائف. ولم تكن الهيئة أو غيرها يتدخل، لكن أذكر كانت هناك صالة عرض جميلة (لا ترقى لما هو موجود خارج الوطن تلك الأيام) في فندق العطاس في أبحر، وكانت أبحر بعيدة عن جدة تلك الأيام. وذكرت بعضا من هذا في فصل «السينما وأنا» من كتابي «مدخل إلى الفنون السينمائية». الآن نعيد وصل ما انقطع وتمضي المسيرة الحضارية والثقافية التي توقفت في حقبة ما بعد 1979، وتمت سرقة عقود من أعمارنا. مؤسسة سينمائية سعودية يقول مؤسس ومدير مهرجان أفلام السعودية أحمد الملا: «أثق أنه قرار صائب وأتى بعد جهد من المهتمين بهذا الجانب الثقافي الأساس في حياة الشعوب. بالطبع ستنشأ صالات العروض العديدة وتتنافس تجاريا، وستتوجه إلى السوق السعودي شركات التوزيع الكبرى من شتى أنحاء العالم، وسيتحقق للجمهور السعودي مشاهدة الأفلام العالمية في نفس وقت مشاهدتها في سائر بقاع الأرض، وهذا نصف المسألة التي كنا نطلب تحققها هدفا إلى إضافة فسحة من الفرح والجمال والسعادة، لكن يتطلب أيضا الالتفات إلى النصف الآخر منها وهو إنشاء صناعة سينمائية تستطيع أن تواكب المنتج العالمي وتنافسه، حتى لا نكون عرضة للاستهلاك واستقبال ما ينتجه الآخر. وفي رأيي أن يتم تأسيس مؤسسة سينمائية سعودية تعنى بتشجيع ودعم ورعاية الإنتاج السينمائي السعودي، فالطاقات الإبداعية المحركة لهذه الآلة الضخمة متوافرة بكثرة، وتحتاج إلى صقل وتطوير فقط إلى جانب ثراء بلادنا بالأفكار والإرث والتنوع الثقافي والجغرافي». أهمية ثقافية قال الممثل السينمائي إبراهيم الحساوي: «كل ما حدث في عام 2017 من حراك في المشهد السينمائي السعودي يؤكد ويقول إن الناس على جاهزية تامة لاستقبال صالات السينما في السعودية، بمن فيهم المخرجون وصنّاع الأفلام جاهزون للعرض والتشغيل، سيما أن صناعة الفيلم في السعودية مستمرة ومتواصلة حتى في عدم وجود صالات السينما. اليوم وبهذا القرار التاريخي نستطيع أن نقول بات للفيلم السعودي مكان يعرض فيه، وستشهد 2018 عروض أفلام سعودية طويلة ستمكن الجمهور من اختيار فيلمه المناسب ومشاهدته في صالات مهيأة للعرض السينمائي، بعد أن كنا نعرض أفلامنا في صالات متواضعة غير مهيأة تماما للعرض». عائد ترفيهي يقول الممثل السينمائي عبدالمجيد الكناني، أعتقد أن هذا القرار مهم جدا وجاء في وقته، نظرا لمواكبته التغيرات التنموية المهمة التي تحدث للمملكة الآن، وسيكون له عائد ترفيهي وثقافي واجتماعي لكل المواطنين، وعائد لصناع الأفلام السعوديين الذين اثبتوا خلال السنوات الماضية قدرتهم على صناعة الأفلام، وتقديم أعمال جيدة تصل إلى مناطق خارج الوطن، حيث سيشكل لهم هذا القرار فوائد كبيرة، منها الوصول إلى المتلقي بشكل مباشر، والذي سيسهم في تطوير صناعة الأفلام، وكذلك فرصة خلق وظائف للتقنيين والمخرجين والممثلين وجميع أفراد الطاقم الفني، وستتحرك عجلة الصناعة، حيث سيكون هناك عرض وطلب على الأفلام، والتنافس لتقديم الأفضل لكسب الجمهور