واحدة من أهم القضايا المطروحة، مع إنشاء الهيئة العامة للترفيه، هي قضية افتتاح دور عرض للأفلام السينمائية. بالنسبة لكثيرين، يعني قرارٌ كهذا أنهم ليسوا مضطرين للسفر لحضور فيلم سينمائي في صالة عرض، وأنهم سيكونون قادرين على مشاهدة الأفلام داخل بلدهم، وهو خيار ترفيهي مهم بالنسبة للشباب من الجنسين، وبالنسبة للعائلات أيضاً، ويعطي الجميع فرصة لتنويع خياراتهم الترفيهية، وإيجاد أماكن يمكنهم أن يقصدوها، خاصة في العطل الأسبوعية. تأخير القرار يطرح نفس علامات الاستفهام منذ سنوات، فمن غير المفهوم أن توجد منذ زمن بعيد، محلاتٌ تبيع الأفلام على «أشرطة فيديو»، أو على الأقراص المدمجة، ولاحقاً تتوافر إمكانية تحميل الأفلام عبر الانترنت، فيما تغيب صالات السينما. كما أن من عايش فترة السبعينات الميلادية مثلاً، يذكر أن صالات عرض الأفلام كانت موجودة في بعض الأندية الرياضية، إضافة إلى وجود صالاتٍ للعرض السينمائي داخل المجمع السكني لموظفي شركة أرامكو. ولا يبدو أن هناك ما يمنع المضي بقرار السماح بإقامة دورٍ للسينما، خاصة وأن نفع قرارٍ كهذا لا يقتصر على ترفيه العائلات والشباب، بل يمتد إلى صناعة السينما في المملكة، فالقرار يُوجِد سوقاً كبيرة لصنّاع ومنتجي الأفلام السعودية، وحتى الخليجية، إذ يشتكي الخليجيون من عدم وجود سوق كبيرة لأفلامهم في غياب السوق السعودي. سيتمكن السينمائيون الخليجيون من صناعة أفلام يمكنها أن تجد جمهوراً، وتُنافِسَ تجارياً، بدلاً من أن يبقى متابعوها في دائرة ضيقة، وترتبط بالمهرجانات السينمائية الموسمية فقط. لا يمكن إغفال الفوائد الاقتصادية الناتجة عن السماح بإنشاء دور عرض سينمائية في المملكة، إضافة إلى إعطاء الفنون بعضاً من حقها المهضوم، إذ إن السينما والمسرح وغيرهما من الفنون طالها تهميش كبير، وعدم اهتمام، وعانت قيودا كثيرة، رغم وجود طاقات مبدعة، قادرة على صناعة فن جميل ومعبر، لكنها تفتقر إلى المساحة التي تُمَكِّنُها من التحرك والإبداع. بالتأكيد يرغب الجمهور في مشاهدة أحدث أفلام هوليوود، لكن هناك إمكانية لدفع المُنتَج السينمائي المحلي إلى قائمة أولويات الجمهور، كما أنه يمكن أن تتخصص بعض صالات العرض في تقديم كلاسيكيات السينما، والتعريف بالأفلام الهامة تاريخياً، وأيضاً في تعريف الجمهور بأفلام أخرى غير الأمريكية، حيث تتميز تجارب سينمائية من دول مختلفة، لكنها لا تحظى بشهرة أفلام هوليوود ورواجها. السينما ليست أداة ترفيه وحسب، بل هي أيضاً أداة ثقافية، ووسيلة للتأثير في الرأي العام، وصناعة مخيال وذاكرة جماعية، لذلك، ليس ترفاً القول بأهمية وجود صناعة سينمائية فاعلة ومؤثرة، على امتداد وطننا العربي.