شيعت العاصمة المقدسة ظهر أمس الجمعة ابنها إبراهيم خفاجي الذي ضمته مقابر المعلاة بعد 90 عاما، قضاها معبرا عن الحب، متغنيا بالوطن والجمال والفرح. حتى استحق بجدارة أن يوصف ب«أبوالأغنية السعودية»، إلى جانب ألقاب كثيرة، لا يستحقها إلا المبدعون الكبار الذين يصوغون وجدان شعوبهم بكلماتهم الفياضة عذوبة وشروقا، فيكونون لسان حالهم في الحياة. وحين تبدأ أولى مراسم العزاء مساء اليوم السبت للرجال في دار شقيقته بحي العوالي، شارع إبراهيم الجفالي بمكةالمكرمة،وللنساء بداره في العزيزية، يكون الشارع السعودي قد ودع الرجل الذي ظل يردد كلماته حتى في أشد الأوقات العصيبة حين قال ملهبا الحماسة «أود النار يا شبابها» فغدت أغنية تضج وطنية، تشتعل في أفواه الناس كلما التهبت الحماسة الوطنية، مثلما يردد كل الشعب كلماته في يوم البهجة عقب كل رمضان «ومن العايدين». شاعر الهلال (إذا لعب الهلال فخبروني.. فإن الفن منبعهُ الهلال) مطلع قصيدة، صاغها ذات يوم إبراهيم خفاجي، يكشف عن الجانب الرياضي عند الخفاجي، وهو ما يبرر تغريدة نادي الهلال أمس في تويتر، ناعية الفقيد، فالخفاجي منذ صغره كان مولعا بنادي الوحدة، وشارك في عضوية إدارته، ويعتبر أحد رموزه، إلا أنه وتجسيدا لانتمائه الوطني الكبير لقب شاعر نادي الهلال السعودي بعد قصيدته «هلال نجد»، بل هو أحد الذين أسهموا في تأسيس الهلال إبان انتقال عمله إلى الرياض، تولى منصب نائب رئيس نادي الهلال عند تأسيسه.
فنانون رياضيون مثقفون كل الوطن ينعى شاعره . «رحم الله شاعر الوطن»، العبارة التي كانت أكثر شيوعا وتداولا طوال أمس، ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقها فنانون ومثقفون وشعراء ورياضيون، تقريبا كل الوطن، وهم ينعون الشاعر إبراهيم خفاجي، مرددين كلمات أغنياته الخالدة، ومقاطع مرئية للقاءات معه، أو وهو ينشد مقاطع من كلماته الغنائية، في إجماع مطلق على الفقد الكبير الذي أصاب الوطن برحيل شاعر الوطن الذي تغنى بكلماته الشعب السعودي على مدى عقود، توّجها بالنشيد الوطني الذي تردده الأجيال كل صباح منذ أكثر من 3 عقود، يوم أن كلّفه الملك خالد -رحمه الله- بصياغة الكلمات للسلام الملكي الذي لحّنه الموسيقار المصري عبدالرحمن الخطيب، وأعاد توزيعه وركّب نص النشيد عليه الموسيقار سراج عمر. ونعت وزارة الثقافة والإعلام الراحل، ذاكرة في حسابها «ببالغ الحزن والأسى تنعى وزارة الثقافة والإعلام مؤلف النشيد الوطني إبراهيم خفاجي الذي وافته المنية اليوم، داعين الله أن يلهم أهله وأسرته الصبر والسلوان». بينما لفت الكاتب محمد سلامة إلى أن الخفاجي لم يكن شاعرا فحسب، بل كان تاريخا متحركا، مُلمّا بكل ألوان الغناء في السعودية، كان يغني ويلّقن الفنانين أصول الغناء، ونُشر مقطع فيديو للراحل وهو يغني لون الدانة المكية مع الفنان محمد هاشم. ابن الراحل: السكتة القلبية الرابعة كانت نهاية والدي مكةالمكرمة: أحمد الجهني رحل الشاعر إبراهيم خفاجي عن عمر يناهز التسعين عاما بعد تعرضه لأزمة صحية ألزمته العناية المركزة في مدينة الملك عبدالله الطبية بمكةالمكرمة، طيلة الشهرين الماضيين، وقال ثامر نجل إبراهيم خفاجي ل«الوطن» إن والده عانى خلال السنوات الثلاث الأخيرة من الاثني عشر وعولج مرتين، ولكن حالته الصحية انتكست قبل شهرين، حيث أدخل إلى المستشفى، وأجريت له عدة عمليات مع وجود الدعم الكامل من قبل الجهات الرسمية لتوفير العلاج له داخل أو خارج المملكة إلا أن صحته لم تكن تسمح له بالسفر أو مغادرة مدينة الملك عبدالله الطبية. وتحدث ثامر عن اللحظات الأخيرة في حياة والده، موضحا: تعرض صباح الجمعة لسكتة قلبية ثالثة لمدة 16 دقيقة، وتم إنعاشه مرة أخرى إلا أن السكتة القلبية الرابعة كانت هي الأخيرة التي دقت ساعة الرحيل. من جهته رثا الفنان والملحن جميل محمود رفيق درب الراحل بكلمات حزينة، مؤكدا ل«الوطن» أن وفاة إبراهيم خفاجي كانت فاجعة له كون الراحل كان أحد أعمدة الفن السعودي، وقال: يكفي الراحل فخرا أنه هو كاتب نشيد الوطن يردده الجميع صباحا ومساء.