افتتح المعلمون عامهم الدراسي بمسبة الشكائين البكائين من رأس الهرم الوزاري، ثم تبعتها وكزة قينان الغامدي وهو ينتقص من قدراتهم بشكل عام بمرجعية اعتباطية شخصية لا تمت للواقع بصلة، ومعها انهارت على رأس المعلم التوصيفات والتشخيصات التي لا تستند لأي مصدر للمعلومات أو مرجعية معتبرة، مجرد نظريات استشرافية، اتجهت جميعها للمعلم مباشرة وأهملت بشكل مشبوه كل جوانب الخلل الجلية الأخرى، فغيبت عن المشهد مشكلات التعليم الأخرى، فلم يلتفت أحد إلى العجز الهائل في أعداد المعلمين مع موجة التقاعد العام الماضي، ولا إلى تكدس الطلاب في الفصول والذي بلغ 60 طالبا في بعض المدارس في الحجرة الدراسية الواحدة، ولا إلى المباني الجاهزة التي لم يجد الطلاب إليها سبيلا في ظل عدم وفرة المعلمين. البوصلة على العموم تتجه للحط من التعليم، والتعليم العام على وجه التحديد، فمركزية الوزارة واهتمامها بمؤشرات الأداء التي لا تقيس إلى مدى الكذب والتدليس من الميدان على طريقة (كله تمام يا سعادة البيه)، وتهميش دور الإشراف التربوي المطلع مباشرة على مشكلات الميدان التربوي والأقرب والأقدر على إدراكها وحلها، والصلاحيات المضطربة المعطاة لقادة المدارس، وغيرها من الموضوعات المهمة غابت عن المشهد لدى أصحاب نظرية الكنبة، بل حتى الطالب الذي يمثل حجر الزاوية في العملية التعليمية والمخرج الرئيسي لها، والذي بنيت كل العملية التعليمية من أجله أصبح خارج نطاق النظريات الاستشرافية المزاجية. إن إصلاح التعليم وترميمه لن يكون إلا بالذهاب مباشرة إلى الطالب، بتوفير البيئة التعليمية المناسبة له، ثم قياس قدراته ومستواه التحصيلي من قبل جهات مستقلة كمؤسسة قياس، ومن ثم إسقاط النتائج على الوحدة التعليمية مباشرة على مستوى المدرسة ومكتب التعليم ثم إدارة التعليم لتقييم مدى نجاحها في قيامها بدورها، وما سوى ذلك هو مجرد زبد وغثاء لذر الرماد في العيون واستهلاك ميزانيات بالمليارات، الأولى بها قطبا العملية التعليمية الطالب والمعلم. كما يجب الاستفادة من الكفاءات والخبرات التعليمية المهمشة، والتي بذل الكثير في تجهيزها كالمعلمين المبتعثين للاستفادة من خبرات الدول المتقدمة تعليميا، بإعادتهم إلى الميدان وتمكينهم من صب خبراتهم والتجارب التي اطلعوا عليها، والتي أرسلوا من أجل اكتسابها في الميدان.