في الحقل الوظيفي وبكل فخر أنتمي لعائلة وكيان وظيفي غاية في الأهمية، إذ يقع على عاتقها مسؤولية جمة وجليلة، كما أعتز بكل فرد من أفراد هذه العائلة، فكلنا نقع تحت بوتقة واحدة تخصص واحد وهدف واحد. فرغم بروزه في العقد الأخير بعد عقود من الانزواء والانطواء والسبات الطويل، بعد أن نفضت عنه الظروف والأحداث التي أحاطت بالمجتمعات على الصعيدين المحلي والعالمي، غبار سنين البيات والسبات المعرفي. فالأمراض والأوبئة التي عصفت بالمجتمعات عالميا واجتازت أسوار حدود مملكتنا الغالية، ذات التأثير المباشر وغير المباشر على صحة وسلامة المواطن والمقيم على هذه الأرض المباركة، كمرض حمى الوادي المتصدع، ومرض أنفلونزا الطيور، وأخيرا مرض كورونا وغيرها من الأمراض والأوبئة قد أسهموا في تسليط الضوء على هذا الكيان عندما انبرى لهذه الأمراض والأوبئة أبناؤه للتصدي والوقوف كالسد المنيع من أجل محاربتها والسيطرة عليها، ومنع انتشارها وتخفيف حدتها وتجفيف منبعها. ونظرة سريعة إلى هذا الكيان نجد أن مهامه متشعبة، وله في كل جانب من جوانب صحة وسلامة الإنسان والحيوان يد، فيكفي أن نعلم بأن أفراده يقفون كالجبل الشامخ، بعلمهم تارة وبأجسادهم تارة أخرى، لحماية ووقاية المجتمعات البشرية من التقاط العدوى من الحيوانات لأكثر من 200 مرض معدٍ تعرف بالأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، والتي يمكن تعريفها على أنها مجموعة من الأمراض التي تصيب الحيوان، ويمكن أن تنتقل إلى الإنسان بطرق مختلفة، كما يمكن أن تنتقل من الإنسان إلى الحيوان. ولكن ليس هذا لب حديثي، فحديثي في هذه المقالة وبشكل مقتضب ومؤطر بإطار هذا السؤال... لماذا هجر الطبيب البيطري تخصصه؟ إذ لا يعقل أن يركن الطبيب البيطري للمسؤولية الإدارية بعيدا كل البعد عما أسسته وصرفت عليه الدولة -أعزها الله- من مبالغ طائلة تتجاوز أربعة أضعاف عما صرفته على نظيره خريج الكليات الأدبية، ليكون لبنة علمية عملية بيطرية لا أدبية أو شعرية. فهناك وللأسف الشديد من إخواني وأبنائي وزملائي من الأطباء البيطريين الذين -وأقولها بكل حرقة- هجروا العمل والمعرفة البيطرية التي هي من مسؤولياتهم وصميم مهامهم وواجباتهم نحو مجتمعاتهم، وقبلها نحو أنفسهم، وركنوا إلى العمل المكتبي الذي له رجاله ومسؤولوه، فتحولوا إلى كتاب خطابات أو مراسلين. لذا نجد شحة أقرب إلى انعدام في الإنتاج العلمي المبني على المعرفة والدراية الميدانية من قبل الأطباء البيطريين، خاصة العاملين في الوزارات والدوائر الحكومية. فيا أطباءنا البيطريين عودوا إلى مجالكم من أجل تطبيق المبادئ الطبية والتشخيصية والعلاجية على الحيوانات الإنتاجية والمنزلية والبرية، والتي من أجلها انضممنا لهذا الكيان.