لا يزال تاريخ الاستعمار النازي لألمانيا يلقي بظلال ثقيلة من الإرث على الساحة الفنية الهولندية والأوروبية عامة، رغم مرور أكثر من 6 عقود على انتهاء هذا الاحتلال، غير أن مطالبات من أسر أوروبية ذات أصول يهودية تبرز بين الحين والآخر لتطالب المتاحف الفنية باسترداد لوحات نادرة وأعمال فنية وتحف، كانت ضمن ممتلكاتها، وتمت مصادرتها عبر قوات الاحتلال الألماني، لتصل في نهاية المطاف إلى قاعات وجدران المتاحف الهولندية، حيث اشترتها المتاحف بملايين من الدولارات من الأشخاص الذين عثروا على هذه الأعمال الفنية أو اشتروها إبان فترة الاحتلال. ويخوض المتحف الوطني في أمستردام حاليا واحدة من هذه الصراعات القانونية مع إحدى الأسر الألمانية من أصل يهودي، وهى أسرة مؤرخ الفن الألماني المعروف جلاسر كيرت، فقد طالب الورثة المتحف باسترداد إحدى ثرواته الفنية الهائلة، وهى لوحة "أرض الشتاء" للفنان آجان فان دي فيلدي (1593 : 1641)، وهي لوحة نادرة يرجع تاريخها إلى قرابة خمسة قرون مضت وتقدر بأكثر من مليوني يورو. ويقول الورثة في مطالبتهم إن جلاسر كيرت ألماني من أصل يهودي وكان يعمل مديرا للمكتبة الفنية في برلين منذ عام 1924، وكان يمتلك اللوحة ضمن أعمال أخرى، غير أن الألمان اعتقلوه في 1933، وصادروا ممتلكاته، ونجح هو وزوجته في الفرار بعد ذلك من ألمانيا حتى توفي عام 1941 في أميركا، أما بقية قصة اللوحة فقد انتقلت من يد للأخرى، حتى اشتراها أحد هواة التحف بهولندا، وتبرع بها إلى المتحف الوطني. ونصحت لجنة وزارة الثقافة الهولندية المتحف والمتاحف الأخرى بعدم خوض حروب قانونية مع ورثة أي من اللوحات والأعمال الفنية، وإعادة هذه الممتلكات إلى أصحابها طالما لدى هؤلاء الورثة أوراق ثبوتية وشهادات تؤكد ملكيتهم لهذه الأعمال، غير أن المتاحف الهولندية تتحفظ على تلك النصيحة، حيث سيؤدى ذلك إلى فقدانها الكثير من ثرواتها الفنية، ولا تزال الإشكالية محل جدال وسجال قانوني وثقافي.