مرة أخرى وبشكل فاضح يتضح مدى تحكم إيران، وفرعها المحلي حزب الله بالقرار اللبناني. ومنذ الإعلان عن عقد قمة عربية وإسلامية في المملكة، مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لبحث سبل التصدي للإرهاب، بدأت أبواق إيران في شن حملة مضادة، أدت إلى عدم حضور رئيس الجمهورية، ميشال عون، تلك المناسبة، حتى لا يحرج أمام حزب الله الممثل لنظام طهران. كما سارع وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، فور انتهاء القمة، وبمجرد وصوله بيروت إلى التنصل من نتائجها، مدعيا أنه لم يتفق على صدور إعلان ختامي. وأثار موقف باسيل استغراب أوساط سياسية لبنانية واسعة، فالإعلان الختامي تناول ثلاثة محاور؛ مكافحة الإرهاب، وإنشاء قوة عربية إسلامية تتولى اجتثاثه، والتأكيد أنه لا علاقة للأديان بالإرهاب، وخصوصا الدين الإسلامي، وضرورة مواجهة الإسلاموفوبيا بالحوار بين الأديان والثقافات، أما المحور الثالث فهو رفض سياسة التدخل والتوسع الإيرانية في دول المنطقة العربية، وتجييشها المذهبي والطائفي، لبناء ميليشيات تشعل الحروب والإرهاب في الدول العربية. سيطرة فعلية كما تمسك حزب الله المشارك في الحكومة اللبنانية، بأهمية صدور موقف من اجتماع الحكومة، أول من أمس، وهو ما رضخت له الأخيرة في اجتماعها برئاسة ميشال عون، حيث تنصلت من إعلان الرياض، وتبنى عون ما قاله صهره وزير الخارجية، بأن الإعلان صدر بعد مغادرة الوفود، كما قال رئيس الحكومة، سعد الحريري، بالقول إن الإعلان ليس ملزما. وأضافت الأوساط أن هذه المواقف تؤكد أن حزب الله لا يحتل لبنان فقط، بل يحكمه على أرض الواقع، وينفذ سياسات إيران بالضبط. مخاوف إيرانية استغربت الأوساط السياسية اللبنانية، الدوافع التي جعلت باسيل يحرص على إنكار علاقته بذلك البيان، خصوصا أن الحديث عن حزب الله ورد في كلمتي الملك سلمان، مستضيف القمة، والرئيس ترمب، وتساءلت هل يريد حكام بيروت أيضا محاسبة ما ورد على لسان قائدين كبيرين؟ مؤكدة أن موقف وزير الخارجية تناغم مع ما يريده حزب الله، ومع ردود الفعل الفورية المتوترة للمسؤولين الإيرانيين، كما أنه جاء استجابة لهم، ومحاولة لاسترضائهم، بعد أن أثارت القمة مخاوفهم. وأعاد هؤلاء إلى الذاكرة التصريحات المتلاحقة فور اختتام القمة، للرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، والمتحدث باسم الوزارة، بهرام قاسمي، وهي التصريحات التي أكدت مصادر إعلامية أنها تعكس حجم التوتر الذي اعترى قادة إيران من مخرجات ونتائج قمة الرياض.