أصدر معهد «Brookings» الأميركي للدراسات تقريرا أكد فيه تراخي القبضة الأمنية في أفغانستان، وذلك مع صعود نفوذ الجماعات الإرهابية، مثل طالبان، والقاعدة، وداعش، مشيرا إلى أن الصراع بين هذه الجماعات تفاقم في الآونة الأخيرة. وأشار التقرير إلى أن هدف السياسة الأميركية في أفغانستان منذ اندلاع هجمات 11 من سبتمبر 2001، هو ضمان عدم وصول الجماعات المتشددة للسلطة، وأن كبار قيادات طالبان قرروا إبعاد تنظيمي القاعدة وداعش عن صفوفهم، خوفا من تقويض نفوذ الحركة التي باتت تسيطر على مناطق شاسعة من البلاد. وتطرق التقرير إلى تراجع قوة تنظيم القاعدة في أفغانستان وخارجها، حيث أكد أن الجماعة تبحث حاليا عن فرص جديدة لإعادة هيكلة نفسها، واستعادة نفوذها في الأقاليم المتعددة، حتى ولو كان ذلك عبر الوكلاء المحليين مثل المجموعات المصغرة في غرب وشرق إفريقيا. السيطرة على الأراضي أوضح التقرير أن الأهداف التي تسعى الولاياتالمتحدة إلى تحقيقها في أفغانستان تتجاوز مجرد هزيمة الجماعات الإرهابية في الداخل، وتصل للقضاء المبرم عليها، لافتا إلى أن طالبان تسعى لإسقاط الدعم الأميركي لحكومة كابل، استنادا إلى سيطرتها على الأراضي الأفغانية، وفرض نفسها كقوة وحيدة على الساحة. وأكد أنه منذ تسليم القوات الأميركية وحلف الناتو المسؤولية الأمنية للسلطات الأفغانية، شنت طالبان أشرس حملاتها الدموية، وسيطرت على مساحة كبيرة من الأراضي، رغم الصعوبات الداخلية التي تعانيها الجماعة، لافتا إلى أن داعش أفغانستان لا يشكل قوة كبيرة داخل البلاد، باعتبار أن جل قياداته انشقت عن طالبان في وقت سابق. فساد السلطة تطرق التقرير إلى المعلومات المؤكدة التي تشير إلى وجود فساد متنام داخل حكومة كابل، وأشار إلى أن قوة طالبان العسكرية والميدانية نابعة من تواطؤ مسؤولين في الحكومة معها. وأضاف أن من بين أمثلة الفساد المستشري بأفغانستان سرقة الأراضي من قبائل منافسة ووسطاء من الحكومة، وتزوير العقود الحكومية، ونهب الأموال، لافتا إلى أن الشرطة والنظام القضائي من بين أكثر المؤسسات فسادا. وخلص التقرير إلى التشديد على ضرورة تحسين الحكم في أفغانستان، وترك التوترات القبلية والتجاوزات الخطيرة في هيكلة الدولة، إضافة إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي، وتحسين أداء القوات الأمنية المحلية، ومحاربة تجارة المخدرات التي تستغلها الجماعات المتشددة، لافتا إلى أن الفساد سيبقى هو العامل الوحيد في صعود تلك الجماعات إلى الواجهة. قمع النساء من جانبها، قالت شبكة «NBR» الأميركية إن المبالغ الطائلة التي خصصها الكونجرس لإعادة إعمار أفغانستان، ودعم القوات الأمنية المحلية، لم تؤد إلى منع طالبان من التمدد، مشيرة إلى أن ضعف التجنيد وقلة التسليح يفاقمان مشاكل قوات الأمن المحلية. وأوضحت الشبكة أن تجارة الأفيون تساعد على انتعاش طالبان، حيث تزودها بحوالي 60% من احتياجاتها المالية، مؤكدة أن الحركة تمنع النساء من الانخراط في التعليم، بعكس المناطق التي لا تقع تحت سيطرتها، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير مناسبة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.