وقفت نجمة إسماعيل في مكانها على جانب من المسرح ضمن طاقم أمن المكان، الوظيفة التطوعية التي أوجدتها لها لجنة تنظيم مهرجان الدوخلة الوطني هي تحمّل جزء من مسؤولية الأمن في موقع واحد فقط، وهي بدورها لم تنظر إلى كونها معلّمة اقتصاد منزلي ولم تجادل في "الوضع" الذي تُريد أن تحصل عليه لتستمتع بوجاهة العمل .. كلّ ما فكرت فيه هو أن تخدم مجتمعها في هذه الفعالية التطوعية الكبرى .. ومن دون أن تضرب أخماساً في أسداس اندمجت مع قرابة 1000 متطوع ومتطوعة وواظبت على الحضور يومياً لتملأ المكان الذي تقف فيه، من دون أن تنتظر ريالاً واحداً لقاء وقتها وجهدها. لا منصب ولا موقع لم يكن المنصب ولا الموقع هو الهاجس الذي اعتنى به مئات المتطوعين في مهرجان الدوخلة، ومنذ وصول الزوار إلى مداخل مواقف السيارات يلفت النظر عشرات من الشبّان يقفون في نقاط يوجهون السائقين إلى المواقع المناسبة لإيقاف سياراتهم، وبلغة ودودة "يرجون" هذا السائق ألا يقف هنا، وذاك السائق أن يتحرك حتى لا يسد الطريق. في هذا الموقع كان محمد عبدالله الحبيب، ضمن 400 شاب وشابة مسؤولين عن النظام، بينهم 25 مشرفاً، والحبيب خريج كيمياء حيوية من جامعة الملك سعود، وهو يُمضي قرابة 10 ساعات في المهرجان يومياً، وليس له أيّ هدف من تطوّعه إلا "خدمة البلد" على حدّ تعبيره. لكن العمل التطوعي في المهرجان ليس تنظيم سير وحفظ نظام فحسب .. إنه موجود في كل ركن وكل نشاط .. وطبقاً لنائب لجنة المساندة الإدارية حسين مساعد الأسود، فإن 1453 عنصراً محسوبون في جداول المتطوعين. ويؤكد الأسود أن كلّ الأعمال التطوعية يقدمها الشباب بلا مقابل، ومعظمهم موظفون وطلاب وبعضهم لديه أعمال حرة، والغالبية الساحقة منهم طلاب جامعيون استغلّوا إجازة عيد الأضحى ليشاركوا في المهرجان. يعملون بصمت في مقر اللجنة الإعلامية تجلس نجمة آل نجمة، وهي موظفة شركة سفريات في الأصل، وتدرس في السنة الثالثة تخصص جغرافيا بجامعة الدمام. دورها في المهرجان هو إرسال البيانات الصحفية لوسائل الإعلام ورفع المواد في موقع الدوخلة الإلكتروني. طيلة الوقت تبدو آل نجمة صامتة وسط أحاديث الصحفيين وأسئلتهم. وتقول عنها نائبة رئيس اللجنة الإعلامية عرفات الماجد إنها متطوعة في أعمال المهرجان منذ سنته الأولى 1426ه. لكن زميلتها ميامين آل حمود لديها سجلّ جديد في التطوع، فهي السنة الأولى التي تشارك فيها طالبة اللغة الإنجليزية بجامعة الدمام، ودورها في المهرجان هو التصوير الفوتوجرافيّ، وتقول إنها التقطت حتى أمس قرابة 1000 صورة لصالح اللجنة الإعلامية. وآل حمود هي المصورة الوحيدة ضمن 6 مصوّرين سخروا مهاراتهم الفوتوجرافية لصالح المهرجان. مشرف الموارد البشرية ياسر سهوان جاء من بلدة الخويلدية ليعمل محرراً متطوعاً في المهرجان، ومثله التشكيلية الواعدة مريم المريزم. ومثلما يجلس أعضاء اللجنة الإعلامية على المكاتب؛ فإن لجنة السلامة تتجوّل في كل المواقع للتأكد من تحقق المعايير العالية، ويقود المجموعة متطوع يعمل أصلاً في قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية هو علي المشيقري برتبة رقيب أول. وفي قوائم المتطوعين هناك فئة مهنيين جندوا أنفسهم ليكونوا جزءاً من النجاح، من دون أن ينتظروا مقابلاً. وفي ركن الخدمات الصحية اصطفّ ممرضون وفنيو مختبر وصيدلة قادمون من مستشفيات ومراكز صحية لإجراء فحوصات وتحاليل مجانية للزوار.