فكرة الترفيه والسياحة، هي إحدى الأفكار التي تراود الجيل الجديد وتداعب مخيلته في ظل ظروف الحزن العربي العام، ومن حق الشباب أن يجد متنفساً له يقضي فيه أوقات فراغه، أتذكر أني زرت مدينة الرياض وهي العاصمة، فلم أجد مكاناً للترفيه، عدا مقهى كئيبا، فالمقاهي تنتشر في كل مكان، ولكنها لا تفي برغبات الشباب في قضاء وقت ممتع أو عطلة مسلية وجميلة، مما حدا بالبعض إلى ترك الوطن لزيارة بلدان مجاورة، يجد فيها كل شيء وليس الترفيه فحسب. أموال كثيرة تستثمر في الترفيه والتسوق العائلي خارج الوطن والوطن أولى بها. العائلة السعودية لاشك تشكو نقصاً في أماكن الترفيه والتسلية، ونحن بحاجة إلى تطوير الواقع السعودي، وتمكين أصحاب الأموال من استثمار أموالهم في الداخل بدلا من صرفها في بلدان أخرى، سواء التجار أو السياح الذين لا يجدون متنفساً جميلاً للسياحة، ولاشك أن جهود الدولة في هذا الصدد لا تنكر بإنشاء هيئتين للسياحة والترفيه، وهي خطوة متقدمة، ولكن هناك قصور ونقص في بعض العروض السياحية والترفيهية، ولكن على الجانب الآخر هناك مبالغة في أسعار تذاكر السياحة والترفيه، وأولى تلك المبالغات في خطوط الطيران السعودية، فهي من ناحية ذات ثمن مرتفع، ومن ناحية أخرى ذات خدمات ضعيفة لا تحقق رغبات المسافرين وتطلعاتهم. أما من ناحية الترفيه المسموح والممنوع فكالعادة، ما يزال هناك متحفظ ومؤيد ومعارض، ولا شك أننا كدولة تنتمي للإسلام وذات موروث عربي وقيم دينية كبيرة ومحط أنظار العالم نظراً لوجود الحرمين الشريفين، فيجب أن نكون على قدر المسؤولية، وألا نهدر أموالنا في ترفيه لايتفق مع ديننا الحنيف الذي سمح بالترفيه في حدود ليست ضيقة ولا محدودة، ولكن ظهرت بعض بوادر الترفيه التي لا تتفق حتى مع عاداتنا العربية، مما أثار حفيظة شريحة كبيرة من المجتمع، وضجت مواقع التواصل بنقد مبالغ فيه أحياناً، مشكلتنا أن بعض القائمين على بعض الفعاليات الترفيهية وبحسن نية أحيانا، لا يراعي خصوصية المجتمع، إذ لكل مجتمع خصوصيته حتى في المجتمعات الغربية تراعي خصوصيات بعضها، وبعض المتأثرين بالحضارة الغربية يريد منا أن نكون نسخة طبق الأصل من الغرب، ويريد أن يستورد كل ألوان الترفيه المشروعة وغير المشروعة، التي لا تتفق مع ثقافة المجتمع وقيمه وعاداته، مما يسبب استفززاً حتى للمتشددين الذين لا يملكون رؤية متزنة ومعتدلة للترفيه، مما قد يثير تصرفات مرفوضة من عنف وغلو. أتذكر أن مدينة ديزني وهي أكبر مدينة ترفيه في العالم، لا تسمح بكل أنواع الترفيه، بل أكثر من 60 % يعتبر ترفيها تعليميا. وإذا أرادت هيئتا الترفيه والسياحة أن تنجحا في بلدنا وهما ناشئتان، فعليها أن تركزا على ثلاثة أشياء (ترفيه بريء وممتع، ومتنوع، ومنخفض الأسعار)، بحيث يكون مثيراً للبهجة وفي متناول الجميع. نتمنى أن يكون الترفيه ممتعاً، ويلبي حاجات المجتمع المادية والمعنوية، وأن يراعي متطلبات الأسرة والطفولة وألا يكون مستفزا ومنفرا.