لم تتوقف جرائم الحوثي وصالح عند تدمير الأرض وسلب الممتلكات وتهجير النساء والأطفال من منازلهم، بل تعدت لتصل إلى تشريد الكفاءات من المثقفين أصحاب الشهادات العليا، مثل الأطباء والمهندسين والمعلمين، ودفعهم إلى العمل في مهن متواضعة لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، في وقت لا تزال تمتنع فيه عن صرف رواتب موظفي الدولة. وأوضح الأستاذ الجامعي الدكتور أنور سعيد، أن انقلاب الميليشيات انعكس على أوضاع كافة الشعب اليمني، من ضمنهم الأكاديميون والأساتذة، لافتا إلى أن الهجرة كانت هي الحل الوحيد أمام الكوادر والكفاءات، للهروب من عمليات القمع والتجويع، مشيرا إلى أن الميليشيات لا تزال تمتنع عمدا عن صرف الرواتب. من جانبه، أكد رئيس لجنة التعليم والتنمية البشرية بمؤتمر الحوار الوطني ومستشار التدريب والتنمية، الخضر سالم محمد، أن آلاف الأكاديميين ورجال الفكر والأدب تركوا اليمن وبدؤوا بالبحث عن دول لجوء، خوفا من إرهاب ميليشيات الحوثي. وتطرق إلى تجربته عندما كان الحوثيون يحاصرون منزله، الأمر الذي دفعه للخروج متنكرا صوب محافظة مأرب قبل التوجه إلى حضرموت، قبل مغادرة اليمن. مهن متواضعة أوضح الباحث عبدالنور أحمد، أنه لا يزال يحاضر في جامعة الحديدة، رغم مرضه المزمن، قبل أن تجبره ميليشيات الحوثي على ترك وظيفته بسبب توقف راتبه، مما دفعه إلى العمل في مخبز حتى يجد قوت أطفاله. من جانبه، قال مؤسس ورئيس كلية الهندسة بجامعة ذمار، الدكتور فؤاد قاسم، إن الميليشيات الانقلابية حرمته وزملاءه من رواتبهم، بسبب رفضهم الانقلاب، مما دفعه للعمل كبائع ذرة متجول يتكسب منها قوته اليومي، لافتا إلى أنه على الرغم من خسارته لعمله ومكانته الاجتماعية بين طلابه وزملائه، إلا أنه كسب كرامته ومبادئه السامية تجاه وطنه. معاناة تتجدد أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الطب في جامعة صنعاء، الدكتور سمير طارش، أن الانقلابيين أصدروا منذ وقت مبكر قرارات بفصل وإيقاف رواتب عشرات الأكاديميين المعارضين للانقلاب، مؤكدا أن الرواتب توقفت منذ سبتمبر الماضي، ولا يجد الأكاديميون ما يسد رمقهم في ظل غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة الخدمات العامة داخل العاصمة. وأشار طارش إلى أن العقول التي هاجرت خارج اليمن فرت من إرهاب الميليشيات، فيما بقيت الفئة الأخرى تعاني التجويع وانعدام الأمن، وانطلقت تبحث عن مهن وأعمال لا تتناسب مع مؤهلاتها العلمية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الأكاديميين لا يزالون يقودون حركات الاحتجاج والإضرابات بسبب التعامل المهين بحقهم، الأمر الذي نتج عنه توقف العملية التعليمية في الجامعات والمدارس. وأبان طارش أن المحافظات التي تم تحريرها من قبل القوات الشرعية والتحالف العربي بدأت تستعيد عافيتها، وعاد الأمن إليها، وبدأت صرف رواتب الموظفين، حتى لمن هم داخل العاصمة صنعاء.