سيارات فارهة وأخرى ذات موديلات حديثة، تصل إلى باب منزلك أو مكان عملك وتسوقك، يقودها شباب سعوديون ذوو أخلاق عالية يرحبون بك بابتسامة، ويستقلونك في سياراتهم الخاصة التي تفوح منها العطورات الشرقية، وعلى "مقاعدها" مياه باردة ومحارم صحية "مناديل" وأسلاك "شواحن" لكل أنواع الجوالات، وربما تتطور الخدمة المقدمة لك لتشمل توفير إنترنت "واي فاي" مفتوح وعصائر و"مكسرات"، تكون ضيافة لك قبل وصولك إلى وجهتك مقابل مبلغ مالي ربما يكون زهيدا أحيانا ولا يوازي هذه الخدمة التي يقدمها السائقون الذين يعملون "شركاء" في تطبيقات النقل والتوصيل الذكية التي توفرها شركات توصيل الأفراد بالمركبات الخاصة ك"أوبر" و"كريم" وغيرهما. %25 للشركات محرر "الوطن" التحق على مدى شهر كامل بهذا النشاط، لسبر أغواره ومعرفة خفاياه بعد أن وصلته العديد من شكاوى السائقين السعوديين الذين طالبوا بنشر معاناتهم عبر الصحيفة، فرغم أن هذه الشركات وفرت للكثير منهم فرص عمل ودخلا إضافيا، إلا أنهم يعانون كثيرا نظير الجهد البدني والضغط النفسي الذي يرافق عملهم، عطفا على ارتفاع نسبة استقطاع الشركات المزودة للخدمة من أرباحهم اليومية، حيث تحصل هذه الشركات على 25% من الأرباح، كما يخسرون مصاريف البنزين وصيانة سياراتهم وتحمل المخالفات المرورية والحوادث وغيرها من التكاليف.
90 % سيدات خلال ممارسة المحرر لهذا النشاط لوحظ أن قرابة 90% من طلبات التوصيل زبائنها "سيدات"، وتأتي من كل المواقع تقريبا كالمنازل والشقق السكنية والأسواق والفنادق وقصور الأفراح والحدائق والمستشفيات والمدارس والجامعات وغيرها، كما أن قرابة 10% من هذه الطلبات تُلغى بعد مرور ثوان معدودة من الطلب، حينما يظهر للزبون الجنسية السعودية للسائق من خلال الاسم أو ارتداء الثوب أو الشماغ في صورة العرض، في مشهد برره زبائن بعزوفهم عن طلب السائق السعودي لأسباب، منها ما هو "اجتماعي" كنوع من الحرج في الركوب بمفردهم مع "سعودي" إضافة لاحتمالية أن يكون من معارفهم أو جيرانهم، إلا أن هذه الظاهرة تتراجع يوما بعد يوم نتيجة الوعي والأعداد المتزايدة من السعوديين الذين يعملون مع هذه الشركات، وبالتالي يصعب الحصول على سائق أجنبي. من بين الأسباب أيضا رغبة البعض في سائق أجنبي لممارسة نوع من الحرية أثناء وجودهم في السيارة، كالحديث بالجوال أو سماع الموسيقى أو التدخين، رغم أن الأخير ممنوع نظاما من قبل الشركات المزودة للخدمة. أرباح قليلة الشاب تركي العتيبي التقته "الوطن" أثناء ممارسته لعمله الذي يطلق عليه "شريك" أو "كابتن" في إحدى شركات التوصيل، وقال إنه بالرغم من توفير هذه الفرصة لتكون عملا ودخلا إضافيا للشباب السعوديين إلا أن الأرباح التي تتحقق لا توازي في بعض الأحيان الجهد المبذول والتكاليف المترتبة على نشاطه، فسيارته موديلها حديث ويتناقص عمرها الافتراضي نتيجة قطعها لمسافات طويلة يوميا في توصيل الزبائن، كما أنه يخسر تكاليف تعبئة البنزين وتغيير الزيوت والصيانة الدورية وغسيل السيارة باستمرار كي تكون نظيفة فيحصل على تقييم عال من زبائنه، ويتجنب تعرضه لرفع شكوى للشركة التي يتبع لها فيتم الخصم من رصيده المالي أو يتم إيقاف حسابه عن العمل، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان يعمل قرابة 5 ساعات ولا يكسب سوى مبلغ لا يتجاوز 150 ريالا يذهب 25% منها للشركة وهي نسبة يراها كغيره من السائقين عالية وغير عادلة، حيث إن الشركة المزودة للخدمة تحصل على هذه النسبة المرتفعة نظير تقديمها للتطبيق عبر الجوال فقط، دون أدنى تكاليف أخرى، بينما السائق يتحمل كل التكاليف كالإنترنت والاتصال بالزبائن وصيانة السيارة والمخالفات المرورية وعدم سداد بعض الزبائن للمستحقات وغيرها، مشيرا إلى أن فئة السيارة تتحكم بالسعر فهناك فئات اقتصادية تكون أسعار مشاويرها 8 و10 ريالات للمسافات القليلة، ويزيد السعر كلما ارتفعت فئة السيارة والمسافة المقطوعة. إلا أن هناك مشاوير قد تصل إلى أكثر من 100 ريال بحسب فئة السيارة إذا كانت فارهة أو ذات حجم كبير.
حقوق السائقين طالب العتيبي بأن يعاد النظر في هذه النسبة وأن تقوم وزارة النقل والجهات المنظمة لهذا النشاط بتوجيه الشركات المرخص لها بالعمل في المملكة بتخفيض هذه النسبة من أجل دعم الشباب السعوديين واستمرار عملهم خاصة وأنه سيتم رفع أسعار المحروقات مستقبلا، مما يهدد نشاطهم بعدم الجدوى في ظل ارتفاع نسبة الاستقطاع وتدني أسعار المشاوير، كما طالب بضمان حقوق السائقين بتحمل الشركات المشغلة لأي تكاليف مترتبة على نشاطهم كعدم سداد الزبائن لمستحقاتهم أو تعرضهم للسرقات أو الحوادث المرورية أو المخالفات المرورية الخاصة بعملهم، كالوقوف لاستقبال الزبائن أو تنزيلهم، وحل مشكلة نقل الزبائن من بعض المطارات السعودية، حيث تتم مخالفة السائقين وحجز سياراتهم رغم أنه مصرح لهم بالعمل. احتواء العاطلين يضيف زميله أحمد الحسيني أنه يجب أن يكون هناك مشاركة فاعلة من وزارة النقل في احتواء الشباب السعوديين العاطلين، حيث إن بعضهم اضطر لشراء سيارته بالتقسيط ويتحمل الكثير من التكاليف التي لا يمكن له تحقيقها من نشاطه في هذا العمل، مطالبا بأن تقف الوزارة معهم عبر تأجير العاطلين سيارات مناسبة بمبالغ رمزية ودعم من يبدع منهم في عمله بحوافز مالية، وأن يكون هناك تسهيلات للسائقين السعوديين بدخول بعض المواقع التي يمنعون من استقبال الزبائن منها حاليا، مما يفقدهم زبائنهم ومن بينها بعض المطارات والسفارات وغيرها. يذكر أن وزارة العمل اقتصرت هذا النشاط على السائقين السعوديين وتم منع المقيمين من العمل في هذا النشاط إلا من خلال منشآت الأجرة العامة والخاصة التي يعملون تحت كفالتها. فيما قال الشريك المؤسس لشركة "كريم" عبدالله إلياس، في تصريح سابق إن نسبة قائدي سيارات كريم من السعوديين ارتفعت إلى 60%، مشيرا إلى أن الشركة تستهدف توظيف 70 ألف سعودي بنهاية 2017. فيما قالت شركتا "أوبر" و"كريم" في بيانات صحفية سابقة إنهما تستهدفان توظيف 200 ألف سعودي خلال العامين المقبلين.