لطالما كان استخدام سيارات الأجرة المتهالكة أمراً لا مفر منه في القاهرة التي يتنقل فيها يومياً 25 مليون شخص وسط زحام مروري وتلوث مزمنين، لكن ظهور خدمات "أوبر" وأخواتها جعل الكثيرين يتنفسون الصعداء. فالسيارات التي دخلت الخدمة في القاهرة، غيّرت صورة "التاكسي" والسائق على حد سواء. سائقو اوبر ومثيلاتها يشغلون اجهزة التكييف، ولا يدخنون، ويمتنعون عن توجيه أي حديث للراكب معهم، إن لم يبادر بذلك. ومع ان عدداً من سائقي سيارات الاجرة العادية يحاولون تغيير الصورة النمطية عنهم، ويعتنون بسياراتهم وزبائنهم، إلا أن الانطباع السائد حولهم ليس جيدا. لذلك، عندما دخلت شركة "أوبر" الأميركية وشركة "كريم" الإماراتية السوق المصرية نهاية العام 2014، سارع الكثير من سكان القاهرة الى تحميل تطبيقيهما على هواتفهم المحمولة. يقول هاني (30 سنة) الذي يستعين بخدمات الشركتين إنه "غالباً ما تكون أجرتهما أقل من التاكسي التقليدية. زملائي وأصدقائي ايضا يعتقدون أن هاتين الشركتين سهلتا حياتهم، وبعضهم يرسل أبناءه الى المدرسة مع اوبر". من جهته، يعمل أحمد محمود سائقاً مع "أوبر"، ويكسب أكثر من ثمانية الاف جنيه (قرابة ألف دولار) شهرياً، وهو دخل جيد نسبياً في بلد يبلغ فيه الحد الادنى للأجور 1200 جنيه. ويقول: "اننا نمنح الراكب الامان والراحة والنظافة". غير أن محمود (53 عاما) الذي كان يعمل من قبل سائقا لشاحنة لم يعد يعتمر القبعة الحاملة لعلامة شركة "أوبر"، فهو بات يخشى سائقي التاكسي العادي الذين ينصبون كمائن لمنافسيهم من العاملين مع تطبيقات النقل. ويعمد بعض السائقين الغاضبين الى طلب سيارة أجرة عبر التطبيق، ثم تحطيمها لدى وصولها اليهم. كما ينظمون تظاهرات لا تلقى اهتماماً كبيراً، للمطالبة بإغلاق "اوبر" ومثيلاتها. ويعتبر عادل وهو سائق تاكسي في الثامنة والأربعين من عمره أن المنافسين "يسرقون رزقنا، اننا نسير في الشوارع لساعات من دون ان نجد زبائن". ويؤكد انه اضطر لدفع قرابة 6250 دولارا للحصول على ترخيص للعمل كتاكسي، في حين أنهم ليسوا مضطرين للحصول على الترخيص. وكانت "أوبر" وقعت عقودا مع المئات من شركات تأجير السيارات السياحية المحلية. ويقول مدير العمليات في "أوبر" عبد اللطيف واكد لوكالة "فرانس برس" ان "اوبر في مصر تخلق فرص عمل لاكثر من الفي سائق شهرياً. اكثر من 40 % من سائقينا كانوا يعانون من البطالة قبل ذلك". ويضيف ان الشركة سجلت "اسرع توسع لها" في القاهرة مقارنة بالعواصم الاوروبية والشرق اوسطية والافريقية. الامر نفسه حدث مع شركة كريم التي تعمل في 20 مدينة في الشرق الاوسط. غير ان مسؤولا رفيع المستوى في ادارة المرور بوزارة الداخلية المصرية، قال ل"فرانس برس" ان الشركتين تعملان "بشكل غير مشروع" وتستخدمان سيارات خاصة لا تحمل لوجات مكتوب عليها "اجرة". في حين يعتبر حسام اسامة وهو صاحب شركة تأجير سيارات سياحية متعاقدة مع "اوبر" أن اصحاب هذه السيارات لهم الحق في العمل كسيارات اجرة سياحية طالما يدفعون الضرائب المستحقة عليهم. ويقر اسامة ان هناك "سوء تفاهم" مع الحكومة التي قررت مساء الاربعاء تشكيل لجنة وزارية لدراسة الوضع القانوني لهذه الشركات. وفي حين يجد سائقو التاكسي صعوبة في حشد التأييد لمطالبهم، فان اوبر وكريم تحظيان بدعم كبير على شبكات التواصل الاجتماعي المليئة بانتقادات حادة لسائقي التاكسي. وعلى تويتر كتبت المغنية المصرية سامية جاهين "طلبت من سائق التاكسي ان يطفئ سيجارته من اجل اطفالي، لكنه رد ان هناك تلوثا في كل مكان وطلب منا النزول على احد الجسور".