أثارت الزيارة المرتقبة للرئيس اللبناني ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية غضب نظام الولي الفقيه في إيران، خصوصا مع استكمال الاستعدادات والاتصالات من أجل إتمام هذه الزيارة مطلع الأسبوع المقبل. وكانت صحف تمولها إيران في لبنان استبقت الإعلان عن الزيارة بحملة تساؤلات عن اختيار المملكة كمقصد أول لجولة الرئيس عون، ووصلت هذه الحملة أحيانا حد الهجوم المباشر على خيارات عون، والتشكيك بمدى "ولائه" لحزب الله وإيران التي اعتبرت في حينه أن انتخابه رئيسا هو انتصار لها. ووفقا لمراقبين فإن حملة مريدي إيران لم تنجح، وسوف يصل عون المملكة على رأس وفد حكومي كبير في أول إطلالة لبنانية خارجية بعد انتهاء أزمة الشغور الرئاسي والحكومي التي استمرت عامين ونصف العام وتتحمل إيران وأتباعها المسؤولية عنها، مشيرين إلى أن اختيار عون زيارة المملكة كمحطة خارجية أولى أثار ارتياح الغالبية الساحقة من اللبنانيين. تهديدات ولوم نشرت وكالة "مهر نيوز" الإيرانية الرسمية أمس تحليلا عنونته "زيارة ميشال عون إلى السعودية وتقييم موقف حزب الله". حاولت عبره تبرير قبول حزب الله للزيارة دون أن تتخلى عن لهجة اللوم والتهديد تجاه خيارات الدولة اللبنانية. وبدت تبريرات الوكالة الإيرانية بمثابة توجيهات لقيادة الحزب في لحظة اجتماع الحكومة اللبنانية الذي بحث تشكيل الوفد المرافق لرئيس الجمهورية للمملكة، معتبرة بداية أن قرار عون بجعل السعودية "أول محطة خارجية له بمثابة خطوة فاجأت الكثيرين وأثارت علامات استفهام لدى المتابعين للشأن الإقليمي". وتساءلت عن "ماهية الأسباب التي جعلت عون يختار السعودية أولا"، مشيرة في تذكير وتحذير مبطن إلى أن عون كان المرشح المقرب والمدعوم من حزب الله، وقد وصل إلى كرسي الرئاسة بفضل دعم الحزب وحمايته، حسب قولها. الحاضنة العربية يرى المراقبون أن العدوانية الإيرانية لخيار لبنان، وتوجهه لتعزيز علاقاته مع حاضنته العربية، ومركز ثقلها المملكة العربية السعودية، لم تنجح في إلغاء هذا الخيار، الأمر الذي جعل النظام الإيراني يجد التبريرات لأتباعه في لبنان وقبولهم بتوجهات الدولة. وقالت الوكالة الإيرانية إن ثلاثة أسباب تجعل حزب الله لا يمانع في إتمام الزيارة، منها أن الحزب يزعم التعامل مع الحكومة على أنها تتمتع بالاستقلالية في اتخاذ قراراتها، كما أن أزمة الرئاسة وما عاشه اللبنانيون من معاناة اقتصادية تحتم على الحكومة توفير الاحتياجات المالية والاقتصادية، إضافة إلى أن حزب الله لا يريد أن يكون عائقا لعمل الحكومة لاسيما في هذه الظروف. وبحسب المراقبين فإن ما أطلق عليه "الظروف" هو ما جعل طهران ترضخ لخيارات لبنان وليست القناعة باستقلال الدولة وشعبها، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن هذه "الظروف" هي ما تخشاه إيران في الأيام المقبلة.