بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في سورية المبرم برعاية روسية تركية، حيز التنفيذ منتصف ليل أول من أمس، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات اندلعت بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام، قرب دمشق تخللها قصف مروحي، في حين أشارت فصائل معارضة إلى أن جيش النظام انتهك الهدنة وقصف مناطق في قريتي عطشان وسكيك في محافظة إدلب المتاخمة لحماة. وأفاد المرصد بأن طيران النظام نفذ 16 ضربة جوية على الأقل استهدفت مقاتلين معارضين بمحافظة حماة في وسط البلاد أمس، مشيرا إلى سماع إطلاق نار في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سورية بعد وقت قصير من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند منتصف الليل. يأتي ذلك في وقت شهدت محافظات إدلب ودمشق وحلب، العديد من المظاهرات التي نظمت تحت شعار "الثورة تجمعنا" للمطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد وتوحد الفصائل المعارضة السورية المسلحة، فيما قال مركز "ستراتفور" لتحليل المعلومات، إن التحليلات التي صدرت عقب اتفاق وقف النار في سورية وأشارت إلى احتمالية أن يشهد العام 2017 نهاية الحرب في هذا البلد لم تكن دقيقة، إذ إن الأوضاع على الأرض تؤكد إطالة أمد الحرب في سورية. قوات النظام حسب المركز، فإن قوات النظام والميليشيات المؤيدة للأسد تترقب الوقت المناسب لمهاجمة قوات المعارضة المسلحة في المناطق التي مازالت تسيطر عليها، خصوصا الواقعة بين حلب ودمشق، كذلك انتزاع، وربما السعي لإخراج القوات التركية والجيش الحر من المنطقة الواقعة غربي نهر الفرات. بالإضافة إلى ذلك، فإن قوات النظام والمجموعات المسلحة الداعمة ستكون مضطرة إلى القتال في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، مثل مدينة دير الزور وحماية الحزام النفطي في سورية. وقال المركز إن كل هذه العوامل معا، إلى جانب وجود قوات موالية لإيران في سورية، كذلك المحاولات الروسية لتحقيق شروط تفاوضية أفضل مع واشنطن والدول الغربية الأخرى، سوف يطيل أمد الحرب في سورية، ولاسيما إذا فشلت المفاوضات المزمع عقدها في أستانة. الميليشيات الإيرانية أكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" موسى أفشار، أن عدد عناصر الحرس الثوري والمليشيات المنضوية تحت أوامر النظام الإيراني في حلب وأطرافها يتجاوز 25 ألف عميل، مشيرا إلى أن هناك اختلافا بين المشروعين الروسي والإيراني، وهناك اختلافا واضحا بين المصالح الروسية والمصالح الإيرانية، على الرغم من أنهما استندا إلى قاعدة مشتركة أدت إلى تحالف بين الطرفين، لكن هذا لن يستمر طويلا بسبب اختلاف المشاريع واختلاف المصالح. وأشار أفشار إلى أن عدد قتلى قوات الحرس الثوري وعملائه في سورية من اللبنانيين والأفغان والباكستانيين والعراقيين المؤتمرين بإمرة الحرس، تجاوز 10 آلاف شخص، بينهم أكثر من 70 من العمداء والعقداء في الحرس، وهناك خسائر بشرية لقوات النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله في حلب، تبلغ حوالي 180 شخصا وعشرات من عناصر حزب الله اللبناني، قتلوا في معركة حلب، وعدد كبير من مرتزقة الحرس الثوري في حلب أصيبوا بجروح، وقامت قوات الحرس بنقل بعضهم إلى طهران. موقف معقد قال خبراء روس إنه في ضوء التقارب الأخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة، فإن موقف إيران في غاية الصعوبة والتعقيد، في إشارة إلى أنها باتت عامل تفريق، لا عامل تجميع، وأضافوا أن الحديث كان يدور حول أن موسكو وأنقرة وطهران تمثل الأطراف الضامنة لمفاوضات أستانا في كازخستان، بينما يدور الحديث الآن عن أن موسكو وأنقرة فقط ستكونان المشرفتين على مفاوضات أستانا في حال انعقادها. مما يعني أن روسيا وتركيا تسعيان إلى تحييد إيران نسبيا بسبب الخلافات ليس فقط على سياساتها عموما، بل وأيضا على دورها في الأزمة السورية، وعدم رضا الكثير من الأطراف عن هذا الدور. وأكد المراقبون أنه في ظل هذه الأوضاع بات اتفاق وقف إطلاق النار مهددا في سورية، وأنه يحتاج لضمانات أكبر من قبل روسيا وتركيا قبل الذهاب إلى مفاوضات أستانا في كازخستان.