خلافا للرؤساء المنتخبين الآخرين، يجد المراقب للمشهد الأميركي، إحاطة القادة العسكريين بالرئيس المنتخب دونالد ترامب، تمهيدا لتعيينهم في الدائرة المقربة منه مستقبلا. وعقب إعلان ترمب مؤخرا، نيته تعيين القائد العسكري البحري المتقاعد، والملقب ب"الكلب المجنون" جيمس ماتيس على رأس وزارة الدفاع الأميركية، تحدثت أوساط إعلامية أميركية، أن ترمب يفكر أيضا في تعيين القائد العسكري للجيش ديفيد بيترايس وزيرا للداخلية، بالإضافة إلى تعيين القائد العسكري البحري جون كيلي في حقيبة الداخلية أو الأمانة العامة للدولة، وآدم مايكل روجرز رئيسا للاستخبارات الوطنية، فضلا عن وجود مستشاره للأمن القومي المتقاعد من الجيش مايكل فلين، ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو. مناصب عليا بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن هنالك عادة أميركية للمحاربين القدامى في تنصيبهم مناصب سياسية عالية، ابتداء بالرئيس جورج واشنطن، ودوايت أيزنهاور، مرورا بوزير الخارجية كولن باول في عهد جورج بوش الابن، وانتهاء بمستشار الأمن الوطني جيمس جونز في عهد أوباما، إلا أن تحركات ترمب الأخيرة وتقربه من القيادات العسكرية، أصبحا أمرا غريبا ومقلقا في عيون المجتمع الأميركي. وأشارت الصحيفة إلى أن القلق الأميركي لا يعود في التشكيك حول قدراتهم الخدمية، وإنما من ناحية مناصبهم العسكرية، حيث إن القادة العسكريين العظماء لا يجب أن يكونوا في أماكن حكومية كوزراء ومسؤولين متمكنين، محذرة من أن اجتياح الساحة السياسية الأميركية حاليا من قبل المناصب العسكرية، قد يؤدي إلى السيطرة المطلقة على القرار السياسي في الولاياتالمتحدة. اندثار النزاهة ألمحت الصحيفة إلى أن ترمب خلال حملته العسكرية لم يعر القادة العسكريين أي اهتمام، وأكد أكثر من مرة أن لديه إستراتيجية في محاربة داعش أكثر من العسكريين أنفسهم، فضلا عن انتقاده لهم وأنهم تدمروا تحت حكم الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، وتوعد بطردهم في حال وصوله إلى البيت الأبيض، لافتة إلى أنه بعد فوزه بالرئاسة أصبح يلجأ إليهم ويمتدحهم من أي وقت مضى، بسبب أن العسكريين يمتازون بأعلى التقييمات الإيجابية في كل مؤسسات المجتمع الأميركي. وخلص تقرير الصحيفة، إلى أن الخطر الأعظم الذي يشكله تسرع ترمب في الارتماء بأحضان القادة العسكريين هو المدى الذي قد تصل إليه القيادة العسكرية، سواء في الواقع أو التصور، حيث إن الأمر قد يؤدي إلى إدارات مستقبلية لتحديد أي قائد عسكري كبير، يمكنه تعيين المناصب القيادية الكبيرة في صفه، وبالتالي فإن ترمب سيكون راضيا عن جيشه المسيس، محذرة من أن الرئاسة الترمبية والأمن الوطني الأميركي سيعانيان من المحسوبية والانحياز للقادة العسكريين المسيسين، الأمر الذي سيؤثر على نزاهة المؤسسة العسكرية الأميركية، وسيفاقم فساد بعض القيادات في الهيمنة على القرار السيادي السياسي الأميركي.