في الوقت الذي يهرب بعض المستثمرين ورجال الأعمال من القضاء الشرعي في المحاكم لتسوية منازعاتهم التجارية، بسبب ازدحام المحاكم بالمراجعين والقضايا، يلجأ الكثير منهم لطلب خدمات المحكمين الذين يقدمون خدمات مهنية وشفافة وسريعة لبدائل تسوية المنازعات المالية، رغم أن عليهم تحمل نفقات ذلك من خلال دفعهم مبالغ طائلة، إلا أن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله آل خنين أكد ل"الوطن" أن لا أحد يجبر على دفع هذه الأتعاب. إطالة أمد النزاع جاء تصريح آل خنين على هامش ندوته التي أقامتها الجمعية العلمية القضائية أول من أمس بعنوان "تجربتي في التحكيم"، بالشراكة مع مركز التحكيم التجاري، مبينا أن للتحكيم مميزات، منها المحافظة على الخصوصية، إذ يكون بين الأطراف المتنازعة أمور لا يودون أن تثار ويتداولها العامة، والأمر الآخر أن المحتكمين متفرغون فيكون الإنجاز في إنهاء القضايا سريعا، بخلاف المحاكم التي تزدحم بمعاملات الناس الكثيرة، حيث يطول أمد النزاع فيها، مضيفا "ليس ذلك قصورا في أداء القضاة، ولكن لكثرة القضايا وازدحام الناس أمامها". التحكيم مكفول من الشرع أوضح آل خنين في حديثه إلى "الوطن" أن أطراف النزاع يختارون من تطمئن له أنفسهم في الفصل بالنزاع، والشرع كفل لهم هذا الاختيار، مضيفا أن التحكيم أمر مشروع منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وإلى يومنا هذا ولا إشكال أو مضرة فيه. ورأى فيما يتعلق بتكاليف المحكمين للبت والفصل بين النزاعات والتي تكون فلكية ومبالغا فيها أحيانا بحسب حجم مبلغ المنازعة، أن لا أحد يجبر على دفع هذه الأتعاب، كونها تقدر باتفاق كافة الأطراف بقدر ما تبذله هيئة التحكيم من جهد، وبالنظر لحجم المبلغ المتنازع عليه، فيقارن بينها وبالتالي يكون المعيار، بينما الأصل فيه التراضي بين الأطراف، ويمكن أن تقعد هذه القواعد لدى مراكز مهتمة، وعلى ضوء ذلك تلتزم الأطراف بهذه القواعد. التحكيم بالقوانين الوضعية أكد آل خنين أنه فيما لو اتفق أطراف النزاع على أن يكون التحكيم طبقا للقانون الوضعي الفلاني، بما لا يخالف الشريعة الإسلامية أمر غير مقبول لأن الشريعة لها مصادر، وليس من مصادرها تلقي الأحكام من غير الشريعة، قائلا "كما أن هذا هو المقرر فقهاَ فإن الاتجاهات القانونية القضائية تعتبر بذلك، فهناك حكم قضائي صدر من إحدى المحاكم البريطانية يقضي بمثل هذا، من خلال خلاف وقع بين أحد البنوك الخليجية وبين شركة أدوية من إحدى الدول الإسلامية، وكان بينهما شرط تحكيم إلى القضاء البريطاني في حال الاختلاف بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، وعند حصول الاختلاف لجؤوا إلى القضاء، ولكن القضاء البريطاني لم يقبل التحكيم، لأن القضية تقتضي تطبيق قانونين في آن واحد وهذا لا يجوز".