الحياة - السعودية «القضاء الخاص» أو التحكيم يأتي جنباً إلى جنب مع القضاء كإحدى وسائل فض المنازعات التجارية والمدنية، ومن أبرز مميزاته ضمان سرية نظر المنازعة والسرعة في فضها لمرونة إجراءاته وإتاحة المجال للأطراف للاتفاق عليها. وتأتي موافقة مجلس الوزراء على إنشاء مركز باسم «المركز السعودي للتحكيم التجاري» تحت مظلة مجلس الغرف التجارية والصناعية ضمن الجهود الرامية إلى تطوير بيئة التحكيم كونها أحد العوامل الجاذبة لرؤوس الأموال، إذ يفضل الكثير من الشركات ورجال الأعمال اللجوء إلى التحكيم لحل النزاعات تحقيقاً لمتطلبات السرعة والسرية. وبما أنه جاء في القرار أنه سيكون للمركز مجلس إدارة يشكل بقرار من مجلس الغرف التجارية والصناعية بالاتفاق مع وزير العدل ووزير التجارة والصناعة وبالتنسيق مع محافظ الهيئة العامة للاستثمار، فإن هذا يكشف مراعاة ارتباط نظام التحكيم بنظام القضاء ونظام الشركات ونظام الاستثمار الأجنبي. أما الموافقة على تشكيل لجنة دائمة في وزارة العدل تكون مهمتها الموافقة على إصدار تراخيص بإنشاء مراكز تحكيم سعودية وأفرعها ووضع معايير لقيد المحكّمين في المراكز التي ترخص لها، ووضع معايير استرشادية لتحديد أتعاب المحكمين ومصاريفهم في المراكز التي ترخص لها، فإنها تسهم في تشكيل بيئة جاذبة للتحكيم تنافس مراكز التحكيم العالمية كمركز غرفة التجارة الدولية بباريس ICC، ومركز التحكيم التجاري لدول الخليج العربية، وكذلك تخفف العبء على المحاكم والقضاة من خلال إحالة النزاع إلى التحكيم حال اتفاق الأطراف عليه وفق ما يسمى بمشارطة التحكيم، أو اتفاقهم بعد حدوث النزاع حال خلوّ الاتفاق بينهم على مشارطة التحكيم. كما أن إنشاء مثل هذه المراكز يتيح المجال لخلق فرص عمل جديدة لخريجي كليات الشريعة والقانون، ويساعد في تفعيل بعض الجوانب المميزة في نظام التحكيم، مثل نمذجة العقود واتفاقات التحكيم، وكذلك إثراء الجانب العلمي من خلال دعم الدراسات والبحوث ذات العلاقة. وختاماً، نتطلع إلى أن تكون هذه المراكز عنصراً مساهماً في تطوير المنظومة القضائية وتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم الاستثماري للمملكة، بحيث يجعل منه أحد عناصر الجذب لتحاكم الخصوم إليه محلياً وإقليمياً ودولياً. * محامٍ ومستشار قانوني [email protected] a.sgaih@