فيما نفى الأزهر الشريف تحويل الدكتور يسري جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، للتحقيق بسبب نشره لأفكار الإمام محمد عبده والكاتب طه حسين، أكد باحثون مصريون أن العمل البحثي العلمي في العالم العربي يخضع لنوع من المواءمات الفكرية والثقافية والسياسية الخاصة بالمجتمع، دون أن يمس ذلك الحق في المعرفة. يذكر أن جعفر، شارك في الحملة الشعبية للتنوير، والتي كان هدفها تنقية التراث الإسلامي ومواجهة خلط الدين بالسياسة، والسماح بنقد كتب البخاري ومسلم وعدم تقديسهما، كما حاضر في ندوات الحزب العلماني المصري تحت التأسيس عن تجديد الخطاب الديني، وكان من المتضامنين مع إسلام بحيري بعد الحكم بحبسه في قضية ازدراء الأديان. قرار لجنة الأزهر قال عضو لجنة التحقيقات بجامعة الأزهر الدكتور حامد أبوطالب، إن "تحويل الدكتور يسري جعفر للتحقيق ليس له أي علاقة بنشر أفكار الإمام محمد عبده أو الدكتور طه حسين أو انتقاد صحيح البخاري، وإنما جاء تنفيذاً لقرار لجنة التحقيق بالأزهر بإيقافه 3 أشهر لحين عرضه على مجلس التأديب بسبب نشره أفكاراً تحث على الكراهية والعنف بين الطلاب". وأضاف أبوطالب أن "الأزهر الشريف يؤمن بالتعددية وحرية والفكر ووجهات النظر المختلفة، فيما يتعلق بالبحث العلمي والفكري، حيث نجد أن طالب الطب يدرس علوم الشريعة والعقيدة والفقه إضافة إلى العلوم الطبية، وهو ما تفتقده الجامعات الأخرى، فضلاً عن أنه يتميز بتدريسه للمذاهب الأربعة وبالتطوير المستمر في مناهجه، فالأزهر في منهجه لا يعرف إلا التجديد، لكن هذا كله يجب أن يقوم في إطار من مراعاة الجوانب الأخلاقية والحضارية والثقافية بالمجتمع، فلا يمكن مثلاً التبرير للإلحاد والعنف والتكفير تحت مبررات حرية البحث العلمي". مواجهة العقول المتحجرة يرى الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أن "البحث داخل مؤسسة الأزهر، جامعة ومشيخة ومساجد تابعة له، يؤمن بحرية الفكر وقبول الآراء المخالفة وتبني المنهج التعددي، لكن المنهج التعددي يجب أن يكون في مواجهة العقول المتحجرة وليس العكس، حيث تقوم جامعة الأزهر بتدريس 8 مذاهب، ويستحيل على عقلية درست التعددية وتلك المنهجية أن تولد وتنتج عقلية متحجرة متجمدة لا تعرف قبول الآخر، كما أن باب الاجتهاد مفتوح ولم يغلق، ولكن يجب أن تتوافر شروط الاجتهاد التي أقرها العلماء فيمن يجتهد وإن كان هناك إقرار من العلماء على أن آخر من توافرت فيه شروط الاجتهاد هو الإمام الطبري على الرغم أنه لم ينشئ مذهباً فقهياً". إرهاب فكري يشير يوسف القعيد، عضو مجلس النواب، إلى أن "الإحالة للتحقيق تعني إرهاباً فكرياً، والاجتهاد في الدين فرض على كل مسلم عاقل عالم بشؤون الدين، خاصة أن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، وهو ما سبق أن أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة تجديد الخطاب الديني، وإذا أراد الأزهر، أو جامعة، معاقبة الباحثين، فإن ذلك لا يجب أن يكون على حساب الخطاب الديني أو الاجتهاد في الدين، كما يجب ألا يخضع البحث العلمي لأي نوع من المواءمات الفكرية والثقافية والسياسية والتي لا يجب أن تمس الحق في المعرفة". تحقيق باطل أوضح الدكتور يسري جعفر، في تصريحات سابقة له، أن التحقيق معه باطل، ويدخل في إطار تصفية حسابات بين القرناء، مضيفاً "لم أنتقد أبداً صحيح البخاري، بل على العكس أكدت في أكثر من موضع أنه أصح كتاب بعد القرآن والسنة، كما أن الحديث عن انتقادي لمؤسسات الجيش والشرطة عار تماماً عن الصحة، درست على يد الدكتور عبدالمعطى بيومى، أستاذ الفلسفة والعقيدة، وأدعو إلى إحياء مدرسته في الفلسفة الإسلامية، وهو ما لا يلقى استحسان الأزهر، مما جعلهم يعتبروننى أدعو إلى الإلحاد، رغم أن محاور تلك المدرسة تقوم على إحياء أصول ومبادئ الفلسفة الإسلامية، وتدريب الطلاب على مبادئ العمل الدعوي المتطوّر والدعوة إلى تنوير العقول بتدبّر آيات القرآن والسنة".