هناك أنظمة تعاقبت على دول منطقة الشرق الأوسط استثمرت في عواطف الشعوب لجر المنطقة إلى ويلات وكوارث، فروجت لشعارات فارغة المضمون وتلاعبت بالجغرافيا والتاريخ، وكانت الاتهامات والتخوين لكل من يعارضها جاهزة دون أن تحتاج أن تبحث عن الدليل. المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها ترفعت عن مثل هذه السلوكيات، فكان النظام السياسي السعودي عاقلا يتمتع بالحكمة والموضوعية في التعاطي مع الأحداث والأزمات والقضايا وفي إيجاد أفضل الوسائل لعلاجها، فلم يجر الشعب السعودي إلى مغامرات غير محسوبة، ولم يطلق إلا الوعود الصادقة إلى شعبه، بل إنه عمل بكل جهد واجتهاد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، إيمانا بأن هذا هو السبيل للنجاة ولتحقيق الخير للجميع. هذا النهج السليم لم يرق لأنظمة كانت تتاجر بالشعارات والقضايا العربية والإسلامية لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، فهي لا تجيد في الحكم إلا تصدير الإرهاب وصناعة الفوضى. النظام الإيراني نموذجا، يمتلئ سجله بالجرائم والدجل والاحتيال، وإنه من الضروري بمكان فضح ملفات الدجل التي يمارسها، لأنه يتخذها وسيلة لشرعنة جرائمه أو لإخفاء الحقائق التي تطلق العنان لكي يتحرك الوعي، الذي يعد أحد أكبر المخاطر التي تهدد وجود النظام الإيراني وعملائه وحلفائه. وإذا كان قاسم سليماني فخورا بخامنئي مرشدا لثورة النظام المزعومة، ويروج للأكاذيب والأباطيل الزائفة عن المملكة العربية السعودية في تصريحاته بمناسبة أو بدون، ويتحدث عن شعارات لا علاقة لها بواقع إيران، هل يمكن أن يجيب كيف تولى خامنئي زمام الأمور في إيران بعد وفاة الخميني؟ كان من المفترض أن يكون خليفة الخميني المرتقب هو حسين علي منتظري وهو يحمل مرتبة آية الله العظمى، إلا أن الخميني قام بإقصائه لجملة من الأسباب، أهمها انتقاداته الدائمة حول ممارسة النظام الإيراني، خاصة الهجوم الشديد الذي قام به حول قيام السلطات الإيرانية بإعدام 3 آلاف سجين سياسي إيراني في عام 1988 وبتأييد تام من الخميني لهذه الإعدامات التي تمت لإفراغ السجون. عليه لم يكن أمام الخميني أي عالم شيعي مسيس بمرتبة آية الله العظمى، فما كان منه إلا القيام بإجراء التعديل الدستوري المذكور آنفا، ولم يكن أمام مجلس الخبراء إلا اختيار خامنئي خليفة للخميني الذي كان يحمل مرتبة حجة الإسلام، أي أنه لم يكن بمرتبة آية الله العظمى، بل هو لم يحصل على مرتبة آية الله إلا عن طريق مجلس الخبراء الإيراني لإعطائه شيئا من الشرعية المفقودة، إضافة إلى أنه أطلق العنان للحرس الثوري إلى أقصى الحدود لكي يحمي موقعه ويحصنه من أي خطر قد يحدق به. إيران رغم أنها تشترك مع أفغانستان بحدود جغرافية ومع العراق كذلك إلا أننا لم نجد عملية إرهابية واحدة من داعش أو القاعدة أو حتى حركة طالبان باكستان أو أفغانستان على الأراضي الإيرانية، ورغم امتلاك إيران الصواريخ الباليستية التي تستعرضها ليل نهار، لم نر صاروخا واحدا ينطلق من إيران إلى إسرائيل. ترتفع درجة دجل النظام الإيراني عندما يقدم الاحتجاج تلو الآخر في إطار من هجوم أبواقه الإعلامية ضد السعودية بشأن تنظيم الحج ليطرح تساؤلا مهما، هل من يخدم الحرمين الشريفين يكون محل هجوم ومن يدنس الأقصى مسكوتا عنه في طهران؟