فيما تتجه الأنظار لاستعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش المتطرف، وترنح الحكومة العراقية في سياسة ضبط الأمن بالعراق، والدور الإيراني الواضح عبر حلفائها وعملائها في البلاد، تعطي كل تلك الدلائل للمراقب للمشهد الإقليمي، مدى تمكن إيران من التغلغل داخل مفاصل الجارة العراقية. وبحسب تقرير مجلة "نيوزويك" الأميركية، للمحلل والباحث في شؤون الشرق الأوسط وإيران ، ماثيو ماكلينيس، فإن سياسة التوظيف الإيرانية المنتهجة في العراق، تتزايد شيئا فشيئا، لكن التحديات تبقى كبيرة أمامها، متسائلا هل ما زالت بغداد في طريق التبعية لطهران، أم أن إيران بدأت بالوصول إلى حدود طاقتها الإستراتيجية القصوى، لإعادة تشكيل الدولة العراقية إليها. دور الميليشيات يقول التقرير "الميليشيات الموالية لطهران في العراق والمتمثلة في الحرس الثوري وجناحه العسكري فيلق القدس، يعتبران ذراعي إيران للانطلاق في إكمال سياستها المتغلغلة في العراق"، مشيرا إلى أن مخطط إيران في عام 2014، والذي بذلت فيه قصارى جهدها لمنع رجوع أي دولة لها أصول سنية، لكن في الوقت ذاته، فإن مخطط تنظيم داعش أعاد خلط كل الترتيبات الإيرانية في ذلك. الحشد الشعبي يبين التقرير أن الحملات المضادة لداعش التي تقودها الحكومة العراقية، كان يتعين عليها أن تستعين بميليشيات ما يعرف بالحشد الشعبي، التي قوامها قرابة 100 ألف مقاتل، بحيث إن إيران أصبحت قادرة على إبقاء يديها على تلك العمليات، من خلال أهم ميليشيا موالية لها وهي فيلق البدر، التي بسطت كامل نفوذها في كل مفاصل الجيش العراقي، والذي يؤكد ذلك هو سيطرة قائد فيلق البدر هادي الأميري على كامل الحشد الشعبي، نيابة عن رئيس الوزراء حيدر العبادي. ويضيف التقرير "الإحصاءات تشير إلى أن منظمة الحرس الثوري، تضخ حوالي 80 ألف عنصر في الحشد الشعبي، من ضمنهم فيلق بدر الذي دفع ب20 ألفا من عناصره في الحشد الشعبي، هذا فضلا عن جماعات إيران الإرهابية -حسب وصفه - الأخرى، وغير المنظمة مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق التي قفزت أعداد مقاتليها من 1000 إلى 10 آلاف مقاتل، لافتا إلى أن إيران تخزن حوالي 40 إلى 60 ألف مقاتل احتياطي في حال الاحتياج.
منظمات موالية يعقب التقرير، أن طهران تحلم وتستلهم أن تحول ميليشيات الحشد الشعبي في العراق إلى منظمات موالية لها تماما على غرار الحرس الثوري، وحزب الله في لبنان، لكن بحكم تداخل وتعدد الطوائف الشيعية في الجسم العراقي، فإن عملية إدخال هذا الهيكل المنفرد في الدولة أمر صعب عليها. كما أن إيران تحرض الحشد الشعبي لقتال داعش، بهدف إنشاء مكتب سياسي رسمي له، في الوقت الذي سيشرف فيه قادة تلك الميليشيات على انتخابات مجلس المحافظات في العام القادم، وذلك للعب دور مهم في عملية كسب الولاءات الشيعية السياسية في بغداد، معربا بأن القيادات الوطنية السياسية العراقية هي التي تشكل صداعا كبيرا لطهران.
الاستفراد بالقتال يؤكد التقرير على أن الحشد الشعبي لا يستطيع هزيمة داعش لوحده بدون التعاون مع قوات الجيش العراقي، والوحدات الخاصة، وقوات البشمركة الكردية، والإسناد الجوي الأميركي، معتبرا أن الساسة الإيرانيين يريدون القتال وحدهم، وذلك لإثبات أن الحشد الشعبي أصبح عمودا ثابتا في السياسة والأمن العراقيين، مشيرا إلى أنه عندما تتم استعادة الموصل، فإن قائد فيلق البدر، يخطط لجعل الميليشيا التابعة له، مؤسسة حكومية رسمية، تكون تحت سلطة فيلق البدر، بدلا من سلطة الحكومة العراقية المركزية أو الجيش العراقي الوطني.
رغبة العراقيين يلفت التقرير، إلى أن إيران صنعت ما يسمى بالمجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة عمار الحكيم، وذلك بالتنسيق مع الشخصيات الشيعية المنفية في سنوات الثمانينات، والذين يمثلون أهم الشخصيات الموالية والموثوقة من قبل طهران، إذ إن الأخيرة منذ عام 2003، تعمل جاهدة لكي تمنع العراق من أن يصبح قويا، أو مستقلا بذاته، من خلال إضعافه وتوفير البيئة الفوضوية فيه، واصفا النظام الفارسي بأنه يريد جعل العراق مركبة لتمرير مشاريعه الإقليمية لردع الولاياتالمتحدة وحلفائها، والتنظيمات المتشددة التي تقاتلها. ويخلص الكاتب إلى أن لدى إيران اعتقادا بأنها وصلت للحد الأقصى الذي يمكنها من السيطرة وإعادة تشكيل العراق، بغض النظر عن نفوذها بسورية ولبنان وأفغانستان واليمن، مبينا أن أن إنجازات إيران في بغداد قد تكون كافية لرسم مخططاتها السياسية والأمنية في الدولة، لكن المقاومة المتواصلة والتحديات ضدها تظهران مدى رغبة العراقيين في رسم دولة مستقلة بعيدة عن طهران.
أطماع إيرانبالعراق السيطرة على مفاصل الدولة العراقية إضعاف دور الحكومة المركزية تكريس الفوضى في معظم المناطق لعب دور في الانتخابات البلدية لكسب الولاءات الشيعية تعمل منذ 2003 على إضعاف العراق وبث الفوضى فيه