تعد الجامعات على مستوى جميع المجتمعات الهرم العلمي الأكمل، والمنظم الحيوي للحركة العلمية والعملية فيها، من أدنى فئاته إلى أعلاها؛ ذلك أنها علاوة على الوظيفة المعرفية التي تقدمها، فإنها تقدم من خلال شراكتها المؤسساتية مع المجتمع دورها العلمي والتوعوي المتمثل في جانبين هما: أولا: إعداد الطالب الجامعي لسوق العمل. ثانيا: توعية المجتمع وإكمال مؤسساته بما تحتاجه من برامج ومتخصصين من ذوي الخبرة والمؤهلات العالية. هذه الشراكة قائمة بلا عقد أو قيد زمني؛ تمتد منذ أول العام الميلادي والهجري وحتى نهايتهما؛ لأن الطالب الجامعي إذا دخل مرحلة الإجازة الفصلية أو بلغ مرحلة التخرج، ففي الجامعة أساتذة وفصول صيفية يمكنها أن تتم بقية المهمة؛ إلا أن الملاحظ على الجامعات خلال فترة الصيف - مع وجود الفصل الصيفي بطلابه وأساتذته- دخولها حالة ركود وسبات عميق، يظهر ذلك في غياب الأنشطة والفعاليات التي كان ينبغي أن تبلغ ذروتها خلال هذه الفترة، مع التركيز على إدخال مؤسسة جديدة جانب الشراكة بعد انتهاء مهمتها التعليمية ألا وهي المدرسة التي لا يعرفها الطالب إلا بروتينها وواجباتها الدراسية المملة. المدرسة التي تظل قرابة الأشهر الأربعة مغلقة وتعاني تراكم الأتربة والغبار والحشرات، هي مؤسسة مهملة في زمن الإجازات، في حين أنها لو تمت الشراكة بينها وبين الجامعات وبقية المؤسسات الاجتماعية الأخرى لأنتجت علاقة من نوع جديد بينها وبين الطالب، الذي سيقصدها في غير وقت الدراسة لممارسة هواياته الرياضية أو الفنية أو الأدبية، التي تقام ضمن أندية طلابية أدبية وقرائية تتكون خلال الفصل الدراسي وتواصل وظيفتها خلال موسم الإجازة الأطول؛ إضافة إلى وجود فرصة للتنمية المهارات الاقتصادية لدى الأبناء من خلال إقامة بازارات وأسواق بيع صغيرة على مستوى الأحياء، مع الحرص على وجود عنصر التنافس بين مدارس الأحياء المتجاورة، كل هذا من شأنه تكوين عاطفة حب وانتماء بين الطالب ومدرسته، من خلال استشعاره لاستمرارها في رعايته، واحتوائه وتهيئة المفيد له، إلا جانب الخدمة التي ستقدمها بإخراج جيل واع يدرك أهمية وقته ويستشعر ضرورة استثماره في النافع من العمل. إن المدرسة بساحاتها الواسعة وقاعاتها المجهزة، هي فرصة عظيمة لاستغلال الإجازة الصيفية فيما يعود بالنفع على الطالب والأسرة والمجتمع، عوضا عن تلك الصورة التي باتت مألوفة لدينا خلال فترات العطل من نوم متواصل حتى غروب الشمس ويقظة حتى ظهر اليوم التالي، فخطورة هذه الظاهرة قد لا تتجلى لدى غالبية الأسر؛ إذ أصبحت هي الثقافة السائدة لقضاء الإجازات، لكنها بلا شك متضحة بجميع أبعادها عند من يدركون معيار النشاط والطاقة التي يمتلكها الشباب، فهلا فعلت لجان الخدمة المجتمعية في الجامعات واستثمرت جهدها ودوراتها في ساحات المدارس وأعادت الطلاب إلى الانتظام الممتع المفيد عوضا عن السهر والتسكع؟!