تحول الفصل الدراسي الصيفي غاية للكثير من الطلاب الذين عدوه طوق نجاة، سواء من ناحية الرغبة في الانتهاء المبكر من الدراسة، أو الذين تقاعسوا في الفصل الدراسي الاعتيادي، ما عدوه خير تعويض. لكن الفئة الثالثة التي انخرطت في الفصول الدراسية الصيفية، لا من هؤلاء ولا من تلكم، بل وجدوا أنفسهم في الصيف بلا برامج، فآثروا استكمال الدراسة، ليستفيدوا من الوقت. إلا أن الواقع المعاش لدى الكثير من الطلاب يردد أن الفصول الصيفية بداية النهاية بالنسبة إلى كثير من التعقيدات داخل الجامعة، وأنها الحل لتجنب الفشل الجامعي. ويعني الفصل الدراسي الصيفي، دراسة في فصل الصيف تحديدا في الإجازة بفترة زمنية محدودة وبساعات دراسية مضاعفة وقتا لا تراكميا ولا يسمح للطالب فيه بتجاوز ساعات معينة بقدر 22 ساعة كحد أقصى، يسجله الطالب ما يشار إليه أن الإقبال على الفصل الصيفي في الجامعات أصبح في تزايد وارتفاع نسبي كبير بين الطلاب في الأعوام الأخيرة، ويمتاز الفصل الصيفي ببعض المزايا التي يراها الطلاب من خلال علاماتهم النهائية. تخفيف المقررات عبدالكريم المساعد طالب جامعي مسجل بالفصل الصيفي يعتقد أن سبب التحاقه بالترم الصيفي تأخره في بعض المقررات الدراسية: «هناك بعض المواد التي تجعلني أتأخر فصلا دراسيا، إذا لم أنجزها في الفصل الصيفي، الذي أرى أنه يسهم في تخفيف الضغط الذي أواجهه في الفصل الدراسي، عطفا على كثرة المواد المقررة». علامات مرتفعة ويشير مشعل السبعان إلى أن علاماته الدراسية ترتفع في الفصل الصيفي مقارنة بالفصل العادي: «اعتدت على التسجيل في الفصل الدراسي الصيفي، لأنني أراه مميزا من عدة نواحٍ، أبرزها أنه من ضمن الأشياء التي لاحظتها ارتفاع علاماتي الدراسية في الفصل الصيفي عن الفصول الدراسية العادية، على الرغم من أن دراسة الفصل الصيفي متعبة إلى حد كبير، خصوصا أنه يأتي في فترة إجازة غالبا لا تجد الجو المناسب للاستذكار، في ضوء استمتاع الجميع بالعطلة، ما يؤثر في الجانب النفسي للطالب، خصوصا من ناحية البرنامج اليومي، وساعات النوم التي تقل، ومع ذلك فالفصل الدراسي الصيفي له الكثير من المزايا مما يحفزك على الالتحاق به». تعاون الأكاديميين ويشير عبدالله سعد الأحمري إلى أن التعامل مع الفصل الدراسي الصيفي يحوي الكثير من المتاعب: «الفصل متعب، لأنه يأتي في فصل الصيف، المعروف بارتفاع درجة الحرارة، إضافة إلى أن الاختبارات النهائية تكون في نهار رمضان المبارك وهو ما يتعبنا كثيرا خصوصا في السنتين الأخيرتين، ومع ذلك يبقى للفصل الصيفي مزايا عالية جداً، حيث إنني لاحظت أن غالبية الأساتذة يكونون متعاونين معنا إلى حد كبير، إضافة إلى شعوري بأن الأمور تسير بشكل مميز جدا في الفصل الدراسي الصيفي، وتبقى رغبتي في التخرج مبكرا وتخفيف ضغط ساعات المقررات الدافع الأول لالتحاقي بالفصل الصيفي». الاستفادة من الإجازة لكن الدراسة الصيفية بالنسبة إلى الطالب عبدالعزيز الحربي، فلم تكن إلا لتغطية أوقات الفراغ التي توقعها: « أردت الاستفادة من الإجازة، خصوصا أنني لست من هواة السفر في تلك الإجازة، كما أن الفصل الصيفي لا أراه مرهقا في ظل حصره في فترة محددة غالبا ما تكون محصورة في شهر ونصف الشهر، بمعنى أن لدي متسعا من الوقت يمكن الاستفادة منه، والاستمتاع بالإجازة بعد الدراسة، ويبقى للفصل الصيفي مزايا تغري أي طالب للالتحاق به». لا اختلاف ويرفض المحاضر في قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عبدالرحمن النامي، القول إن نتاج الطلاب العلمي خلال الفصل الصيفي يختلف عن الفصول الأخرى: «عدم الاختلاف يعود لعدة أسباب أهمها أن المجتمع الدراسي هو نفسه، والفصل الصيفي جاء نتيجة تشجيع الجامعات للطلاب على التحصيل الدراسي في أوقات العطلات، لكن يمكن الاعتراف بوجود إقبال من الطلاب على دراسة الفصل الصيفي في الأعوام الأخيرة، حيث إن ذلك يأتي لرغبتهم في اختصار وقت الدراسة، بالإضافة إلى أن هذا التوقيت يعد وقت التعليم العالي، فأغلب الطلاب يطلبون الابتعاث الخارجي من أجل التحصيل التعليمي للدراسات العليا، وفي نظري الشخصي أن الرغبة في الابتعاث الخارجي الدافع الرئيسي للإقبال على الفصل الصيفي». مستوى واحد ولا يرى النامي أي مظاهر لاختلاف درجات الطالب ارتفاعا في الفصل الصيفي عنه في الفصول الدراسية الاعتيادية: «ليس هناك اختلاف، حيث إن المجتمع الدراسي واحد، وطريقة التدريس ليست مختلفة، كما أنه ليس هناك اختلاف بشأن ما يقدم، وعلى العكس الضغط على الطالب سوف يزداد لأن عدد الساعات الدراسية يتضاعف بشكل كبير ويحتاج إلى جهد مضاعف من الطالب، أما ما يشاع عن تغير تعامل الأستاذ إلى الأحسن في الفصل الصيفي عنه في الفصل الدراسي العادي، فلا أرى ما يبرهنها عمليا، وتصبح مجرد شائعة يروجها البعض لتحفيز زملائهم على مشاركتهم الفصل الصيفي، أو لعلها وسيلة ضغط على الأساتذة للتخفيف من المطلوب والفرضيات، لكنني أراها وسيلة ليست ناجعة، لأن تعامل الأستاذ مع الطالب خصوصا الجامعي مبنية على الاحترام بالدرجة الأولى والثقة، بالإضافة إلى أن طريقة التعامل بين الطالب والأستاذ لا تخضع لفصول السنة من الصيف إلى الخريف، ونحن في الجامعات نبني شخصية الطالب من خلال تعويده على طرح أفكاره والتعبير عن رأيه دون تشنج أو تعصب لرأي بحد ذاته، فالعملية التعليمية الجامعية تسعى إلى الارتقاء بالطرح العلمي السليم المبني على البراهين العلمية والطريقة السليمة للمناقشة، وطرح الأسئلة واستقبال الإجابة، وفي ظني أن العلاقة بين الطالب والأستاذ لن تتغير من الفصل الصيفي إلى الفصل العادي». الإقبال مرتفع واعترف الدكتور سعد بن عبدالعزيز القصيبي عميد شؤون القبول والتسجيل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأن نسبة الإقبال على الفصل الدراسي الصيفي شهدت حضورا كبيرا من قِبل الطلاب، وشهد التسجيل الفوري المباشر عن طريق العمادة في الجامعة حضورا كثيفا من قِبل الطلاب، خصوصا الذين لم يتمكنوا من التسجيل عبر البوابة الإلكترونية نتيجة الضغط الكبير على الموقع: «نسبة كبيرة من الطلاب يسجلون في الفصل الصيفي عن طريق الإنترنت، ارتفعت نسبة الإقبال في الأعوام الأخيرة من الطلاب على الدراسة في هذا الفصل، مقارنة بأول فصل صيفي، وإن كان الفصل آنذاك فتح لأقسام ومستويات محددة، ويعالج حالات معينة نسبيا لدى الطلاب ثم بعد ذلك فتح للطلاب، ثم فتح للطالبات، ويتم الآن التسجيل عن طريق الخدمات الذاتية عبر بوابة الجامعة الإلكترونية، ووصلت نسبة الارتفاع في هذا العام 30 % عن العام الماضي». حلول للإشكاليات وأشار القصيبي إلى أن الفصل الصيفي كانت بدايته لحل إشكاليات معينة مثل الضعف والتأخر في المستويات الدراسية لدى الطلاب: «لكننا الآن وجدنا طلبات متعددة للالتحاق في الفصل الصيفي، ومنها بأن الطالب سوف يتخرج ويبقى له مقررات أو ساعات قليلة، أو ربما يكون أخفق في مستويات معينة، والفصل الصيفي من الطلاب من جميع المستويات، ولذلك وجد ليكون فرصة للطالب المتوقع تخرجه أو المتعثر الذي لديه ظروف معينة، أو من ليس لديه أي إشكالية وإنما لديه فرصة ورغبة للدراسة في الفصل الصيفي إذا كان موجودا في المنطقة نفسها، فالفصل الصيفي الآن يدرس فيه المتفوقون الذين يحاولون دراسة جميع المقررات في فترة وجيزة، وكذلك لتخفيف عبء وضغط الساعات عنهم في الفصل العادي، وغير المتفوقين الذين يحاولون تعويض إخفاقاتهم من خلال الفصل الصيفي، ومن أهداف الفصل الصيفي أيضا أن الكلية تحاول معالجة تعثر طلابها من خلاله»