مع بدء العد التنازلي لاستضافة العاصمة اليابانيةطوكيو لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة، تجهز عمدة المدينة "يوريكو كويكي" نفسها لعمل مضن وشاق بدأ فعليا فور تلقيها الراية الأولمبية من حاكم مدينة ريو البرازيلية "إدواردو بايس" في حفل التسليم الرسمي الأحد الماضي، وداعبت "كويكي" الإعلاميين قبلها بيوم قائلة "دربت عضلاتي جيدا لاستلامها بطريقة ملائمة، مع ذلك أتمنى ألا تكون الراية ثقيلة جدا". وتحتضن 3 دول آسيوية الدورات الأولمبية الثلاث المقبلة، سبق لها أن نظمتها من قبل، حيث تتوسط الألعاب الصيفية في طوكيو 2020 دورتي الألعاب الشتوية في مدينتي بيونج تشانج الكورية الجنوبية 2018 وبكين في 2022، وهو ما سيشكل ارتياحا للجنة الأولمبية الدولية (IOC) بعد دورتين مرهقتين في مدينتي سوتشي الروسية وريو البرازيلية، بيد أن ذلك لا يعني أن الأمور ستكون سهلة، وتحديدا لطوكيو، وهو ما أكده عضو اللجنة الأولمبية الدولية ورئيس فريق التفتيش للمدينة "جون كوتيس" أن "هناك بعض المسائل الكبرى حتى بالنسبة لطوكيو"، وهي ما يلقي عليها هذا التقرير نظرة سريعة. التكاليف الإستاد الوطني الجديد الذي صممه المهندس المعماري الراحل "زاها حديد" يعد مثالا على التكلفة العالية، أو المبخوس تقديرها، وقيمة المشروع الأصلية كان يتوقع أن تكون بليون دولار أميركي، إلا أن الرقم تجاوز ثلاثة أضعاف ذلك بكثير، قبل أن يلغي المنظمون ذلك التصميم ويعتمدوا آخر جديدا للمهندس الياباني "كينجو كوما"، ومع ذلك ستبقى تكلفته أكثر بنسبة 50% على الأقل من التقدير الأصلي، مع تعيين نوفمبر 2019 موعدا لاستكماله. بعد أسابيع قليلة من انتخابها أول امراة كعمدة لطوكيو، ردت "كيوكي" على سؤال صحفي بشأن "الأفيال البيضاء"، وهو الوصف المستخدم للمشاريع الضخمة للألعاب الأولمبية قبل أن تصبح عديمة الفائدة بمجرد اختتام المنافسات، قائلة "لن أترك فيلة بيضاء لدافعي الضرائب، لابد أن نحظى بتفهم مواطني طوكيو حول كل ما نقوم به، فالتكاليف مرتفعة في كل مكان أيضا". الميزانية التشغيلية للجنة المنظمة 350 مليار ين (3.5 مليارات دولار) في وثيقة العطاء الأصلية، لكن مسؤولين يقولون إنه ستتم مراجعتها لحساب التضخم وأي تكاليف غير متوقعة. هذه الميزانية لتشغيل الألعاب فقط، ولا تشمل بناء الطرق والبنى التحتية الأخرى، وبحسب المنظمين فإن 50% من الملاعب موجودة مسبقا، على الرغم من أنهم لم يفصحوا علنا عن تكلفة بناء ملاعب جديدة وتجهيزات المدينة، وباتباع نموذج مدينة ريو، فإن تحجيم بناء الملاعب من الممكن أن يبقى مكلفا في اليابان، فالمباني يجب أن تكون مقاومة للزلازل، والذوق الياباني قد لا يقبل أي تجريد لأسلوبه المعماري.
المواصلات اقترحت طوكيو ألعابا مدمجة في ملف فوزها بالترشح قبل 3 سنوات، ولكن الملاعب تم نشرها لتوفير المال والاستفادة من المباني القائمة. تنقسم ألعاب طوكيو إلى قطاعين أساسيين: منطقة حول خليج طوكيو "يطلق عليها منطقة التراث"، وترتكز حول الإستاد الوطني الجديد، فيما تنتشر بقية الملاعب حولها، من مضمار ركوب الدراجات في إيزو "جنوب غرب طوكيو"، إلى ملاعب كرة القدم في مدن سابورو، مياجي، سايتاما ويوكوهاما، وأشار "كوتيس" في هذا الجانب "بسبب غياب التركيز على موقع سيكون عليك السفر كثيرا، ولو ذهبت لمنطقة التراث كل الملاعب منعزلة إلى حد كبير". تملك طوكيو نظام نقل متطورا، بيد أنه مزدحم وليس مفهوما للأجانب تحديدا، وأشار "كوتيس" أن التنقل في المدينة ربما يكون أكثر تعقيدا من ريو، التي كان الأمر صعبا كونها مدينة مقسمة ببحر وجبال وسوء حالة الطرق"، مضيفا "طوكيو لديها بنية نقل تحتية جيدة جدا تربط كل أنحاء المدينة، وليس هناك قلق بشأن ذلك، مع هذا لا يمكن القول بأن الأمور ستكون سهلة"، فيما ذكرت "كيوكي" أن "طرق طوكيو الضيقة تعد مشكلة، وأيضا تنقل 3 ملايين نسمة يوميا من الضواحي إلى وسط المدينة، وسيكون علينا أن نطلب تعاون المواطنين بصور متعددة".
الأحداث تمت إضافة 5 ألعاب لبرنامج الدورة: البيسبول، التزلج، ركوب الأمواج، الكاراتيه ورياضة التسلق، وهي تدخل ضمن القواعد الجديدة للجنة الأولمبية الدولية التي تسمح للمدن المستضيفة باقتراح منافسات من ألعاب خاصة بها، وستضيف الرياضات الخمس الجديدة 18 حدثا و474 مشاركا رياضيا، وإجمالا ستضم ألعاب طوكيو 33 رياضة و11 ألف رياضي تقريبا، مقارنة مع العدد المعتاد (28 رياضة و10.5 آلاف رياضي). ربما تمنح هذه الألعاب الجديدة اليابان بعض المزايا، لا سيما في البيسبول التي تحظى بشعبية كبيرة في البلاد. فازت اليابان في أولمبياد ريو 41 ميدالية في ريو، متخطية رقمها القياسي السابق (38 ميدالية)، وتتطلع إلى رقم أعلى كونها الدولة المضيفة. من المؤكد أن الجدول الزمني للمنافسات سيخلق توترا آخر، فالأحداث المسائية في طوكيو سيكون توقيتها خلال الصباح المبكر في قارة أميركا الشمالية والعكس بالعكس، وهذا غير مثالي لشبكة (NBC) الأميركية مالكة حقوق البث التلفزيونية، وربما يتم نقل توقيت بعض الأحداث لتتوافق بشكل أفضل مع توقيت البث. واجه رئيس اللجنة الأولمبية اليابانية "تسونيكازو تاكيدا" مشكلة مماثلة كمدير الألعاب في الأولمبياد الشتوي الذي نظمته مدينة "ناجانو" عام 1998، ويقول "الرياضيون أولا، هذا هو المفهوم الأهم"، مضيفا "علينا أن نكون منصفين للرياضيين، بيد أنني بالطبع لا أستطيع إبداء أي تعليقات حاسمة لأن هذا أمر لا بد من التفاوض بشأنه، ولكن آمل أن يسود مفهوم الرياضيين أولا".
النفوذ النسائي تلعب اثنتان من السياسيات الإناث أدوارا رئيسية في إدارة ألعاب طوكيو، العمدة "كويكي" بجانب "تامايو ماروكاوا" التي عينت مؤخرا وزيرة أولمبية من قبل رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي"، وكلتاهما مذيعتا أخبار تلفزيونية سابقتان، وستكون "ماوكاوا" حلقة الوصل بين حكومة طوكيو والحكومة الوطنية. فاز النساء تقريبا بنصف حصيلة الميداليات اليابانية في ريو (41 ميدالية)، بينها 4 ذهبيات في المصارعة النسائية. ذكرت "كويكي" أن النساء اليابانيات فعلن أمورا رائعة في مجال الرياضة، ورياضياتنا قدمن أداء رائعا في ريو"، مستدركة "لكن المجتمع الياباني كان بطيئا في مسألة تشجيع النساء للمناصب القيادية في مجالي الأعمال والسياسة، ولسوء الحظ فإن نسبة النساء المشرعات لدينا لا تزال منخفضة، غالبا ما تشير السيدة هيلاري كلينتون إلى سقف زجاجي للنساء، أعتقد أننا في اليابان لدينا سقف حديدي".
نصيحة باخ عرض رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ نصائح موجزة لطوكيو "تنظيم ألعاب ناجحة يتطلب أن تكون أصلية دائما"، موضحا "لا يجب التفكير في اتخاذ برامج وخطط منسوخة من دورات أخرى، لا بد أن تمثل الدورة هوية البلد المضيف".
- 3.5 مليارات دولار الميزانية التشغيلية للجنة المنظمة لأولمبياد 2020 - 33 رياضة و11 ألف رياضي في ألعاب طوكيو 5 ألعاب إضافة لبرنامج الدورة - البيسبول - التزلج - الكاراتيه - ركوب الأمواج - رياضة التسلق