أيد مثقفون ومبدعون فكرة الالتفات للرواية السعودية لبث الروح من جديد في جسد "الدراما المحلية" التي أنهت موسمها السنوي في رمضان الفائت دون تقديم إضافات جوهرية تنتشل الأعمال السعودية من أزمتها بالتكرار الذي أدخلها دوائر القولبة والنمطية والسكون، بحسب بعض من تحدثوا إلى "الوطن"، منهم صاحب أطروحات (التنوير بالدراما) التي نشرها عبر سلسلة مقالات في صحيفة "الجزيرة" من عام 1997 حتى عام 2000 الناقد والكاتب المسرحي محمد العثيم. غياب السيناريست المحترف في تقديري أن المأزق أساسا ينطلق من إشكالية تعريف الدراما كمصطلح وفعل لم يستقر في الساحة المحلية، ولم يوجد كخطاب معرفي. لدرجة أنك تلحظ كثيرا أن الصفحات الفنية التي درجنا على أنها معنية بالدراما والفنون تمارس خلطا معرفيا، فهناك من يضع الدراما والتراجيديا كمتقابلين، وهناك من يخلط بينهما وبين المونودراما، أمامنا كسعوديين مشوار طويل حتى نقدم دراما حقيقية، أولها في تقديري مراجعة قضايا الدراما والفنون كأثر إنساني عام، ثم تأمل واقعنا المحلي وكيف تعاطينا مع هذا المنشط الإنساني صاحب الأدوار العليا في نهضة المجتمعات وتقدمها. ولا يغيب عن بالنا غياب التأهيل الأكاديمي والمعرفي لدى قطاع عريض من العاملين في إنتاج الدراما، لذلك أنظر لفكرة الاستعانة بالمنتج الروائي بحذر، فالمشكلة أكبر من ذلك حين نتساءل عن السيناريست المحترف القادر على كتابة تلك الروايات للإنتاج الدرامي، ثم المخرج والممثل وما إلى ذلك، مما هو قادر على تقديم (شارع العطايف) أو (البحريات) أو فخاخ الرائحة) أعمالا درامية في الشاشة الصغيرة. عبدالله التعزي روائي الرواية منقذ نعم الدراما السعودية تقولبت، وهي في أحسن الأحوال "إسكتشات" لم تتعد أيام "أوراق ملونة" التي كان يقدمها التلفزيون السعودي قبل أكثر من ربع قرن، لعدد من الشباب برز منهم عبدالله السدحان وناصر القصبي فيما بعد من خلال "طاش ما طاش"، و"سليفي" لم يختلف كثيرا عنه لأن ناصر هو كل شيء حتى لو زعم وجود ورشة كتابية. تابعت في رمضان عددا من إنتاج الدراما السعودية فوجدت مشاكل، مثل تفاهات شباب البومب هذا يسبب الغثيان، "حارة الشيخ" نسخة حجازية ل"باب الحارة"، والحمد لله لم أر حسن عسيري ومسلسلاته المصرية التي يسعودها. هناك روايات محلية أرى أنها ممكن أن تكون مجالا خصبا لدراما قوية متى ما أعد لها سيناريو احترافي، خاصة تلك التي تتناول الحياة الاجتماعية القديمة في نجد مثل روايات أميمة الخميس وبن بخيت وبعض أعمال يوسف المحيميد، لو اتجهوا لها كان أفضل من هذا الاسترخاص للمنتج، الذي قد يصفه البعض بأنه يغلب التجارية، وإن كنت أرى أن المعايير التجارية قد لا تنفي الجودة. محمد العثيم ناقد وكاتب مسرحي إسكتشات وهالة نجاح زائفة لم يتخل المبدع والمثقف السعودي عن دوره في متابعة المنتج الدرامي المحلي خلال رمضان عبر شبكات الإنترنت، فالناقد محمد العباس، اتفق مع العثيم فيما ذهب إليه وكتب قائلا: سيلفى بجزأيه، العام الماضي والعام الحالي، هو مسلسل الحلقة الواحدة، وبقية الحلقات مجرد إسكتشات مسرح مدرسي على المستوى الفني والموضوعي. مسلسل سجن نفسه في قالب السخرية والإضحاك، دون تقنيات فنية أو نصية. سيلفي في أغلبه استمرار لمسلسل طويل من التهريج وتسطيح ذائقة المتلقي من أيام طاش ما طاش، لو استثنينا بعض المشاهد. أسبقية "سيلفي" وشجاعته في طرح مواضيع ساخنة ومهمة، لا تعفيانه من تحمل مسؤولية الرداءة الفنية والاستسهال الذي أترع بهما مكتبة الكوميديا. فيما أكد الروائي صلاح القرشي، قولبة الدراما المحلية بقوله: "سيلفي" تكرار ممل جدا، نفس مواضيع طاش واجترار سطحي لنفس القضايا، التنفيس ليس فنا ولا علاقة له بالفن. كذلك سلطة المال، ميزانية سيلفي كبيرة جدا قياسا بعمل تلفزيوني، الماكنة الضخمة للمجموعة المنتجة تصنع له هالة زائفة من النجاح.