كتب أحدهم عبر تويتر عن رغبته في شراء جوال الحرية كما أسماه والذي تحدث من خلاله إردوغان إلى شعبه بمليوني ريال، هذا الجوال الذي أصبح رمزاً من رموز الحرية، والحقيقة أنني عندما شاهدت القنوات الإخبارية تبث رسالة إردوغان من خلال ظهوره عبر سكايب بواسطة جوال وبهذا الشكل المتواري حينها قلت هُزِم هذا السلطان وأصبح اليوم ضعيفاً إلا أنه ما لبث الأمر بعد رسالته التي وجهها إلى شعبه طالباً منهم حماية الديموقراطية إلا أن خرجوا خلال دقائق معدودة بالملايين إلى الشوارع، فعلمت حينها قيمة تلك الصورة التي كان قد قبَّلَ بها يدي أحد مواطنيه تواضعاً منه في ذروة قوته وعلو سلطته فحفظوه وقت ضعفه لأنه يسعى إلى المحافظة عليهم وقت ضعفهم، خرج الملايين ليصدوا عنه بصدورهم العارية الدبابات والمدرعات في حين النظام السوري الفاشي يُخرِج الدبابات من معسكراتها لتقتل الشعب وتبيده..! أُعجِبَ الأعداء لتركيا قبل الأصدقاء بما فعله هذا الشعب المتحضر في الدفاع عن حكومته وحريته، حيث قال محللون إن الذي أعاد إردوغان إلى السلطة وأفشل الانقلاب هي المآذن عندما كبرت وهللت ودعت الجميع إلى الخروج لحماية الشرعية، فهم يعرفون إلى ماذا ستؤول إليه الأمور لو أحكم العسكر سيطرتهم على بلادهم، وإن جاؤوا بانقلابهم تحت عناوين الديمقراطية، فقد ظهر رجل مُسن في إحدى المقاطع عبر تويتر جالساً على الأرض ويبكي قائلاً أنا عسكري قديم وأرفض انقلاب الجيش على الشرعية، لأننا على مر تاريخ الانقلابات الماضية لم نجن سوى الدمار والخراب والتخلف والضياع والرجعية، مطالباً من معه في الساحات التركية البقاء والدفاع عن بلادهم. هذا هو الشعب المتحضر الذي يخشى على بلاده من الجنوح إلى ما لا تحمد عقباه، فقد تحدث مغردون عن صورة لشاب تركي يبكي في إحدى الساحات بين المتظاهرين وهو يرقب بعين حنونة دامعة على بلاده لأنه يعلم أن الوطن إذا ذهب لم يعد، فقد تعلم الشعب التركي الدرس من جيرانه العرب سورية والعراق وليبيا، وفهموه جيداً لذلك نزلوا إلى الشوارع حُباً في الوطن وخوفاً من أن تُنصب لهم مخيمات الذُل. نعم في الشعب المتحضر وقت المحن تتلاشى الطائفية والحزبية وتبقى الوطنية التركية، استعانوا بالمآذن، ونادوا الله أكبر وانتهوا لله شكراً. ورَّطَت أميركا تركيا بالضغط عليها لإسقاط إحدى الطائرات الروسية ليحصل اصطدام بين البلدين ليتم إسقاط تركيا بين فكي ثاني أكبر قوة عالمية، ولكن خيَّبَ الله آمالهم عندما تدارك إردوغان الأمر وعادت العلاقة مع روسيا، مما دعا إلى تدبير هذا الانقلاب من خلال فتح الله غولن القابع هناك في ولاية بنسيلفانيا الأميركية، يُراد للدول السنية الكُبرى في الشرق الأوسط أن تحصل فيها القلاقل والثورات والاضطرابات، فالفوضى الخلاقة لم تنته بعد، ولن تنتهي فمن الربيع العربي لداعش إلى الانقلاب العسكري بتركيا وهلم جرا، فسيناريو المخططات ضد هذه الدول السنية الكُبرى في الشرق الأوسط لن يتوقف! حفظ الله بلاد المسلمين جميعا من مخططات التفكيك والتقسيم لأصحاب نظرية الفوضى الخلاقة .. (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).