يصور "الجاحظ عبر السخرية والهزل والحكمة قصصا واقعية عن عالم البخلاء وحيلهم ونوادرهم، وكشف طبائع الناس وسلوكهم، إضافة إلى العادات والأفكار الغريبة في العصر العباسي، وفيه ثلاثة أشياء: تبين حجة طريفة، أو معرفة حيلة لطيفة، أو استفادة نادرة عجيبة. وتضمن مجموعة قصص ورسائل هي: (رب أنعمت فزد – رسالة سهل بن هارون – وقصص"– أهل البصرة مع المسجدين - زبيدة بن حميد – ليلى الناعطية – أحمد بن خلف – أبي جعفر – الحزامي – الحارثي – الكندي – محمد بن أبي المؤمل - أسد بن جاني - تمام بن جعفر – ابن العقدي – الأصمعي – رسالة أبي العاص بن عبدالوهاب – حديث خالد بن يزيد – تفسير كلام أبي فاتك). تجنب البكاء قيل لصفوان بن محرز، عند طول بكائه وتذكّر أحزانه: إن طول البكاء يورث العمى، فقال: ذلك شهادة لها، فبكى حتى عُمي. تملص وبدأ بأهل خراسان، وخص أهل مرو بما خصوا به، قال أصحابنا: يقول المروزي للزائر إذا أتاه، وللجليس إذا طال جلوسه: تغديت اليوم؟ فإن قال نعم، قال: لولا أنك تغديت لغديتك بغداء طيب. وإن قال: لا، قال: لو كنت تغديت لسقيتك خمسة أقداح، فلا يصير في يده على الوجهين كثير ولا قليل. صحوة سكر زبيدة بن حميد الصيرفي، فكسا صديقا له قميصاً، فلما صار القميص على النديم، خاف وعلم ذلك من هفوات السكر فمضى إلى منزله فجعله بركانا لامرأته، فلما أصبح سأل عن القميص وتفقده، فقيل له إنك قد كسوته فلاناً، فبعث إليه ثم أقبل عليه، فقال: ما علمت أن هبة السكران وشراءه وبيعه وصدقته وطلاقه لا تجوز؟ فرده عليّ حتى أهبه لك صاحياً فإني أكره أن يذهب شيء من مالي باطلاً. دهاء عن عمر بن نهيوي قال: كان الكندي لا يزال يقول للساكن أو الجار: إنّ في الدار امرأة بها حمل. والوحمى ربما أسقطت من ريح القدر الطيبة! فإذا طبختم فردوا شهوتها ولو بغرفة أو لعقة فإن النفس يردها اليسير، فإن لم تفعل ذلك بعد إعلاني إياك، فكفارتك إن سقطت غرة: عبد أو أمة ألزمت ذلك نفسك أم أبيت! قال: فربما كان يوافي إلى منزله من قصاع الجيران ما يكفيه الأيام، وكان أكثرهم يفطن ويتغافل. مسابقة قال الأصمعي: تعرق أعرابي عظماً، فلما أراد أن يلقيه – وله بنون ثلاثة – قال له أحدهم: أعطنيه. قال وما تصنع به؟ قال: أتعرقه حتى لا تجد فيه ذرة مقيلاً. قال ما قلت شيء! قال الثاني: أعطنيه. قال وما تصنع به؟ قال: أتعرقه حتى لا تدري ألعامه أم للعام الذي قبله. قال: ما قلت شيئا! قال الثالث: أعطنيه. قال وما تصنع به؟ قال: أجعله مخة إدام. قال: أنت له.