قالت صحيفة واشنطن بوست إنه بعد مرور فترة وجيزة من اختيار تريزا ماي، رئيسة لوزراء بريطانيا، بدأت الصُحف بمُقارنتها بمارجريت تاتشر، التي عرفت خلال فترة الثمانينيات بلقب "المرأة الحديدية". مشيرة إلى أن من يمعن النظر بدقة سيجد أن هُناك أوجه شبه أكثر، تجمع ما بين ماي وأقوى امرأة في أوروبا اليوم، أنجيلا ميركل. وأضافت الصحيفة "كلتا السيدتين لديهما سجل حافل بالروح العملية الحذرة. ميركل معروفة بأنها لا تنحاز إلى أي جانب بسهولة، فيما يخص العديد من القضايا، مُنتظرةً تحقيق التوافق الكامل قبل أن تُلزم نفسها بأيِ جانب من المحتمل لها أن تعمل معه. وأظهرت ماي إدراكها الخاص لبعض أساليب الصبر، حيث اختارت أن تبقى مُهمّشة سياسياً أثناء استفتاء بريطانيا حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي، حيث كان موقفها حيادياً. وأضافت الصحيفة أن وسائل الإعلام الألمانية أشارت كيف يمكن لماي البالغة من العمر 59 عاماً أن تربطها علاقة عمل قوية بميركل، البالغة من العمر 61 عاماً، حيث أوضحوا أوجه الشبه بينهما من عدة جوانب جوهرياً وظاهرياً، وكذلك من الخلفية الأسرية والهوايات. كما أن هُنالك أملا بأنهما سوف تنشئان علاقة تربط بين البلدين، من شأنها أن تحدّ من الضرر السياسي على أوروبا، حيث إن بريطانيا تُفاوض خروجها البطيء من هذا الاتحاد الذي يضم 28 دولة. وأضافت الصحيفة "كلتا الزعيمتين ترعرعتا في الريف. وكلتاهما تُفضلان أن تقضيا وقتهما في المطبخ، وأن تعدا الطعام لزوجيهما اللذين يخجلان من الظهور أمام الكاميرا. وليس لديهما أي أطفال. كما أنهما تتفقان في أنهما تُفضلان اللباس العملي الرسمي، مع حب مشترك للقلائد الكبيرة والألوان المخضرة والفيروزية".
تشابه ومماثلة تابعت الصحيفة قائلة إن ماي قضت السنوات الست الماضية شاغلةً منصب وزيرة الداخلية لكاميرون، وخلال السنوات الخمس الأولى منها كانت في التحالف مع الحزب الديمقراطي اليساري. فيما حكمت ميركل مرتين مُنافسين يساريين. وغيّرت ميركل ألمانيا من حيث اعتمادها على الطاقة النووية، وألغت التجنيد العسكري، وزادت من دعم الأمهات العاملات. كما أن كلتا الزعيمتين حفرتا طُرقاً مُختلفة جداً فيما يتعلق بأهم قضايا أوروبا: الهجرة. وتسببت المستشارة الألمانية في تزايد أعداد المُهاجرين إلى أوروبا، بعد أن وعدت بتوفير ملاجئ غير محدودة للاجئي الحروب، الأمر الذي أُجبرت على التراجع عنه، نظراً لأن سعة ألمانيا في استقطاب الوافدين الجدد تخطت الحدود. وعلى عكس ذلك فإن ماي كانت صارمة جداً من أجل تقليل الهجرة إلى بريطانيا. في خطاب ألقته أخيرا، أكدت ماي أن بريطانيا في طريقها لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وأنه لا توجد أي نية للتراجع، وقالت "خروج بريطانيا يعني خروجها النهائي"، ولكنها لم تُعط تلميحاً عن نوع الخروج الذي ستتخيل حدوثه، أو حتى متى سيكون.
تحديات جادة كانت تقارير أكدت أن ماي، ستواجه عدداً من القضايا المُستعجلة في الأيام الأولى لتوليها المسؤولية، لا تتعلق فقط بنتائج "البريكست" والخروج من الاتحاد الأوروبي، وإنما ستشمل قضايا متنوعة من الائتمان العالمي إلى مشاكل الأطباء المُبتدئين والتعليم الأكاديمي في المدارس والرعاية الاجتماعية، وأشارت التقارير إلى أنها ورثت تحديات كثيرة من بعد إدارة رئيس الحكومة السابق ديفيد كاميرون. وحسب التقارير فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي خلّف وراءه الكثير من الأسئلة دون إجابة، فالمُستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سترغب بصورة أكثر وضوحاً إذا ما كانت المملكة المُتحدة ستتخلى عن رئاستها للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من السنة المُقبلة. وتابعت بالقول إنه بعد تولي تيريزا ماي رئاسة الحكومة البريطانية فإن أسواق الأسهم تتوق إلى اليقين والثبات السياسي من أجل الاستثمار. وفيما يتعلق بالشركات، فقد عرفت ماي نفسها بأنها تقف بجانب الموظفين بدلاً من الشركات الكبيرة، واعدة بالحد من رواتب رؤساء العمل. كما أشارت التقارير إلى أن الحكومة ستضطر إلى تخفيض نفقات الرعاية الاجتماعية بشكل عام، وقد يمر الاقتصاد بركود مُتعلّق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بينما يناقش مجلس العموم قريبا، مُستقبل البرنامج النووي ترايدنت، الخاص بالمملكة المُتحدة، إلا أن التوقعات تشير إلى أن ماي ستلتزم بدعم هذا البرنامج. وكانت ماي قد تعهدت لعضوية المملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي ولهدف التحالف على إنفاق 2% من الإنتاج الإجمالي المحلي بشكل سنوي على الدفاع. وأوضحت التقارير أن وزارة الداخلية في حكومة ماي الجديدة ستواجه المُفاوضات المُهمّة فيما يتعلق بالتشريع الحكومي لمكافحة التطرف الذي طال تأجيله.