ثلاث عمليات إجرامية فاشلة ضربت ثلاث مدن مختلفة، لم تراع حرمة رمضان ولا حرمة المكان، إذ إن إحداها وقعت بقرب مسجد وقبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهوى أفئدة مليار ونصف المليار مسلم. هنا، يجب أن نشير إلى حالة الضعف التي وصل إليها تنظيم داعش في السعودية، إذ اضطر أن يُقْدِم على استهداف مسجد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ليتمكن من إيقاع ضحايا في صفوف أمن الطوارئ بحكم عملهم في خدمة وأمن زوار المسجد النبوي. وهذا يعني أنه لم يتمكن من استهدافهم في مواقعهم الأخرى، وهذه علامة ضعف، إضافة إلى أن العمليتين الأخريين كانتا فاشلتين مئة بالمئة، إذ لم تصبا أهدافهما، ولم تُسقط ضحايا أو خسائر تُذكر، بفضل الله تعالى، وهذا يُحسب لوزارة الداخلية التي استطاعت محاصرة أصحاب هذا الفكر وإحباط مخططاتهم. المؤلم في العمليات التي ينفذها "داعش" في المملكة، أنه يستخدم شبابنا في ضربنا، فكيف استطاع "داعش" تحقيق هذا الاختراق، والوصول إلى عقول الشباب والتلاعب بها، وتجنيد شبابنا ضد وطنهم، حتى وصل بهم الحال إلى قتل أقاربهم، وهذا مستوى خطير جدا من السيطرة، يحوّل الشاب إلى آلة تدمير، لا تملك أي عقل أو منطق أو عاطفة حتى لأقرب الناس إليه؟! ومعرفة الأسباب التي تجعل شبابنا عرضة لتقبل هذه الأفكار، لن تتم عبر كتابة المقالات، أو المشاركة في وسائل التواصل ورمي التهم جزافا على المؤسسات أو المنابر أو المناهج أو الإعلام أو الكُتّاب، واستخدام هذه القضية الخطيرة في تصفية الحسابات بين التيارات المتصارعة داخليا، بل يجب أن تتم عبر دراسة علمية اجتماعية، يتم فيها تحليل كل الحالات لمعرفة العوامل التي كان لها التأثير الأكبر في تجنيد الشباب لصالح الجماعات الإرهابية. ومما يلاحظ أيضا على نقاشات السعوديين حول عمليات "داعش" في السعودية، أن هناك خلطا كبيرا بين قضيتين مختلفتين: الأولى، هي أسباب نشأة "داعش" وتوجهه وتوحشه. والثانية: هي أسباب تأثر بعض الشباب السعودي بهذا التنظيم والتعاطف معه، وبين هاتين القضيتين فرق كبير، فتنظيم داعش نشأ في منطقة تعاني حروبا واحتلالا وفوضى وعنفا وطائفية، هذه هي ظروف نشأة "داعش" وهذه هي البيئة التي أوجدته، ولا علاقة للسعودية ولا للتيارات الفكرية والدينية فيها بهذه الظروف، وبالتالي لا علاقة لها بنشأة "داعش" ولا تُسأل عنها، ولذا يجب عليهم أن يكونوا واضحين في التفريق بين القضيتين حتى لا تستغل الجهات الإعلامية المعادية آراءهم وتظهرها على أنها اعتراف من بعض السعوديين بوجود مرجعية وامتداد ل"داعش" داخل السعودية، لتثبيت تهمة يروجها إعلام إيران وحلفائه في العراق والشام، للتغطية على جرائمهم في حق سنّة العراق وسورية، وللتغطية على علاقتهم المشبوهة ب"داعش" وتعاونهم معه في ضرب المعارضة السنّية المعتدلة في العراق وسورية.