سلوك القوة العظمى مع النظام الإيراني صوره البعض نجاحا للاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وهو تصور نابع من حالة عاطفية لم تتركز إلى استخدام أدوات ووسائل التحليل الاستراتيجية التي تأخذ في الاعتبار مدى قوة وفاعلية أدوات وعناصر القوة الوطنية لدول المنطقة وليست إيران فقط والعامل الجيوسياسية ورؤية القوى العظمى الشاملة والمنظمات الخارجة عن القانون. إن صناعة الفوضى والمتاجرة بالطائفية والمذهبية ودعم الجماعات الإرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية والعمل على تفتيت الوحدة الوطنية للبيئة الأمنية الاستراتيجية لإيران يلحق الضرر بالنظام الإيراني في الأجلين المتوسط والطويل، وإن ظهرت منافع ومصالح تحققت لإيران في الوقت الحالي أو في الأجل القصير. النظام الإيراني يجيد فن التباهي بقدراته وإمكاناته وأنه يمتلك مؤسسات فاعلة ومتمكنة، وهو ما لا يرتبط بالواقع بأي صلة. صناعة الفوضى وغيرها من منتجات النظام الإيراني عمل من السهل القيام به من أي دولة وإن حصل هناك تفاوت فهو نسبي، وبالتالي فهو لا يحتاج بالضرورة إلى دولة قادرة وقوية. في داخل النظام الإيراني مسائل تتجاوز معدلات البطالة والفقر المرتفعة والعملة الوطنية المدمرة والتضخم ذا المعدلات المرتفعة والفساد المتفشي في كامل منظومة الدولة، وتأخر صرف رواتب موظفي الدولة لأشهر، وانتشار حركات قومية ودينية سلمية وأخرى مسلحة تدعو للإنصاف من النظام الإيراني الجائر، فهناك صراع بين رجال الخميني مثل رفسنجاني وخامنئي وغيرهم، وهو صراع شديد لم يتمكن النظام الإيراني نفسه من إخفائه عن العلن، إضافة إلى تغلغل الحرس الثوري للسيطرة الكاملة على كامل مؤسسات الدولة وسلطاتها، مثل مشروع تضعيف وزارة الاطلاعات (المخابرات) الإيرانية الذي نفذه الحرس الثوري الإيراني في عام 2005 فاستبدل ضباط المخابرات الإيرانية أصحاب التأهيل والخبرة برجال من الحرس الثوري لا يملكون أدنى درجات التأهيل والخبرة في المجال الاستخباراتي، كما صرح بذلك العميل المنشق عن المخابرات الإيرانية شاهين دادخواة لإذاعة صوت أميركا الناطقة بالفارسية، مما يعطي دلالة على أن النظام الإيراني في المستقبل القريب سيكون من الناحية العملية نظاما عسكريا برداء ديني. هذا شيء يسير من كثير يدل على أن النظام الإيراني لا يجيد إلا فن الهياط وهو فن متفش لدى بعض الجهلاء من أفراد المجتمعات بالمنطقة والذي يوصف بالمشين فما بالك إن كان هذا هو تصرف نظام دولة بكاملة كما يفعل النظام الإيراني. هياط فجر آذان شعوب المنطقة به وأثار مشاعر غضبها، هذا السلوك المشين الذي تدفع ثمنه دول وشعوب في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ومستقبلا أميركا الجنوبية ومن يعلم فقد تكون أوروبا من ضمن القائمة أيضا. المجتمع الدولي عليه أن يميز اليوم بين رؤية 2030 ورؤية 2036، فهناك فرق شاسع بين من يقدم الرغيف ومن يسرق الرغيف.