حاتم المشهدي ما أسهل التنصل من المسؤولية والإعراض عن مواجهة الحقيقة المؤلمة: وهي أن عدم مطابقة شهادات أصحاب الدبلومات الصحية كانت بسبب السيد المسؤول الذي استلم المخصصات، ثم قدّم لأبنائنا أضعف البرامج والكورسات. وبعد أن وثق أبناؤنا بوعودهم التنموية الجبارة (دبلوم، ووظيفة) وانتظموا ودرسوا ليحصلوا على شهاداتهم... قاموا بخذلانهم والتشهير بهم في كل مناسبة ومحفل، قائلين لهم "دبلوماتكم التي أعطيناها لكم غير مطابقة! وش نعمل لكم؟!". فلم أر مثل هذا التصرف الذي يرقى إلى مرتبة العبث بمقدرات الأمة المالية والبشرية وعدم الخشية من مساءلة الرأي العام ومحاسبة الجهات المعنية بعد أن قاموا بتدمير مستقبل مئات الشباب المجتهد الذي تمسك بخيط رفيع من الأمل في الحصول على وظيفة تستر حالهم وتطعم عيالهم، وتحميهم من غلبة الدين وقهر الرجال. وما زاد الطين بلة أن سعادة المسؤول لم يرجع ويصلح ما جنت يداه ويتواصل مع الجهات المعنية لتنسيق إرسالهم للقطاع الخاص الذي يعمل به 28 ألف طبيب مقيم، منهم 700 سعودي فقط، و41 ألف ممرض وممرضة، منهم 2200 سعودي فقط، و17 ألف صيدلي، منهم 600 سعودي فقط، و18500 (فئة طبية مساعدة)، منهم 4700 سعودي فقط! هذا ليس تحدي من تحديات المستقبل يا سادة! بل مهزلة يُسأل عنها الأستاذ المسؤول عن نطاقات السعودة في القطاع الخاص الذي يجني المليارات ويستفيد من (التسهيلات والدعم والقروض وغياب الضرائب)، ثم يضغط بعضهم بورقة المحسوبيات كي يؤخر ويماطل ويتنصّل من واجبه الذي يقضي بتدريب وتشغيل أبنائنا الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت على غيرهم من الموظفين الأجانب الذين تستقدمهم المستشفيات الخاصة وشركات التشغيل من أقاصي الهند وبلاد السند بأزهد الأسعار كي تزيد من ربحية بعض هوامير القطاع الصحي الخاص على حساب بطالة وعطالة أبنائنا وبناتنا الذين ظلمتموهم من حَمَلة الدبلومات الصحية غير المطابقين. لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ُظلِم وكان الله سميعا عليما.