أكد تقرير أميركي حديث على ضرورة تعميق الشراكة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة كبلدين إستراتيجيين في العالم لمجابهة تصاعد المخاطر والتهديدات المشتركة التي تشكلها إيران والتنظيمات الإرهابية والحروب الأهلية والاضطرابات السياسية. وطالب التقرير الذي تزامن صدوره، مع زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، كلا من الرياض وواشنطن بإجراء تعديلات كبيرة لجعل العلاقة بينهما أكثر فعالية في المستقبل. وأشار التقرير الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية في منتصف يونيو الجاري، تحت عنوان "الاستقرار وعدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي في عام 2016"، وأعده رئيس كرسي "أرليه بورك" في الشؤون الإستراتيجية، أنتوني كوردسمان، إلى الأسباب التي تتطلب مزيدا من تفعيل العلاقات السعودية الأميركية، ومن بينها أن منطقة الخليج العربي أصبحت غير مستقرة بفعل متغيرات عديدة تولدت عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حيث استمرت المخاطر تتصاعد خاصة مع الاضطرابات التي انفجرت في المنطقة منذ عام 2011، وما تلاها من صعود الجماعات الإرهابية في عام 2013، لاسيما تنظيم داعش نتيجة الحروب الأهلية في العراق وسورية، ثم الحرب في اليمن، ثم الانخفاض الهائل في عائدات أسعار النفط منذ عام 2015، كل هذه التداعيات برأي "كرودسمان" تضافرت معا لزيادة المخاطر على كل المستويات.
زيادة المخاطر
رصد التقرير المخاطر التي تواجه منطقة الخليج العربي بشكل مفصل لكل دولة من دول الخليج على حدة، وتحليل جديد لاتجاهات الاستقرار وعدم الاستقرار في المنطقة: في السياسة والحكم والاقتصاد وسباق التسلح لا سيما في مجابهة الإرهاب والميليشيات المسلحة والحروب غير النظامية التي تلعب دورا متناميا باطراد ولا يمكن التنبوء بمساراتها في المستقبل. ومع ذلك، يسعى التقرير لمعالجة المشاكل والمخاطر والتحديات الضاغطة في منطقة الخليج والدول الست، باستخدام بيانات محلية رسمية وبيانات المؤسسات الدولية الرئيسية مثل الأممالمتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من أجل تحديد الاتجاهات الرئيسية. ويقدم التقرير تحليلا مفصلا للقوات العسكرية في منطقة الخليج، ويعالج الشراكة الإستراتيجية الأمنية مع الولاياتالمتحدة وميزان القوى في الخليج، والدفاع الصاروخي، والجهات الفاعلة خارج الدولة والحروب الأهلية المتوقعة ومستقبل الحروب غير المتكافئة والقوى الخارجية المحركة لها.
شراكة إستراتيجية ذكر المحلل السياسي، أنتوني كوردسمان، في تقرير سابق صدر في مارس الماضي تحت عنوان "الشراكة الإستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة"، أن العلاقة الإستراتيجية التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة "يجب أن تنتقل من المصالح المشتركة إلى التفاهم المشترك" لتجاوز أي خلافات يمكن أن تنشأ في المستقبل، لأن سوء الفهم المتبادل هو مصدر هذه الاختلافات، حيث لم تعد السعودية هي نفس البلد منذ 80 عاما، ولكنها أحرزت تقدما غير مسبوق في كافة المجالات، ويكفي أن نعرف أن أكبر عدد من الدارسين والمبتعثين للدراسة في جامعات الولاياتالمتحدة في العالم من السعوديين. وحسب التقرير فإن أهم ما طرحه في كوردسمان في مارس الماضي، هو ما نراه متحققا اليوم في زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، لاسيما بعد اللقاءات التي عقدها مع كبار المسؤولين الأميركيين، والتي تؤكد أن العلاقات السعودية الأميركية في سبيلها إلى مزيد من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين لضمان استقرار المنطقة والعالم.