يذكر بعض علماء النفس أنه توجد علاقة وثيقة بين أعراض الاضطراب النفسي، القلق، التوتر، الاكتئاب، والتوحد، بالضغوط النفسية على الفرد أيا كانت: فراق أهل، انتقال من حياة إلى أخرى، أو ضغوطات عمل أو غيرها من الضغوطات النفسية، ويؤكدون، أن أخطر ما يواجه الإنسان المعاصر من مشكلات تهدر طاقته وصحته وحياته، هي مشكلة الاضطرابات النفسية. هذه المشكلة تعد إحدى الظواهر الإنسانية التي يعانيها الإنسان في مواقف وأوقات مختلفة وتتطلب منه توافقا جديدا أو إعادة توافقه مع الظروف والبيئة المحيطة به. تنوع الأمراض والضغوط النفسية يتزايد بسبب التجدد المتسارع على حياتنا، من زحمة المدن إلى ضغوطات التعليم إلى التقنية التي تأخذ من وقتنا معظمه، حتى أخبار الكوارث... إلخ، بمعنى آخر أصبح الاكتئاب بضاعة نشتريها بفلوسنا. عند دخولك حالة من حالات الاضطراب النفسي ومع توالي الأحداث وحدتها، وفي لحظة ما، تأخذك ترسبات المواقف والضغوطات الخارجة عن إرادتك إلى أقصى مراحل الحزن والألم. عندها يبدأ العد التنازلي للانهيار النفسي وصولا إلى أكثر المراحل وجعاً، تلك التي يكون البكاء فيها بلا صوت..! ، يكتسح السواد نوافذ أحلامك وتفقد شهيتك للحياة.. تلك اللحظات البائسة الخروج منها في متناول يدك، قريب منك.. من خلال المقارنة بمن هم أسوأ منك حالاً بمراحل، وأكثر منك صبراً وجلادة.. ربما في عيون أم غريبة تركت أطفالها يبكون خلفها لتكون أمًّا لعائلة أخرى غريبة في بلد بعيد.. في محاولات الحركة لمعاق مشلول الأطراف شلت حركته وقد كان يوما ما عداء مدينته.. في ابتسامة طفل يتيم الأبوين في ملجئ موظفوه معدومو الإنسانية... الصور كثيرة وأصحاب هذه الحالات تجدهم مقتنعين ومتصالحين جداً مع أوضاعهم راضين بقدرهم. اعلم أن الجميع راض بما كتبته الأقدار له، ولكن تأخذه قسوة الحياة أحيانا إلى اليأس والألم والموت مرتين. قسوة الحياة، ظروفها الصعبة لا تنسيك قوله تعالى "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها". أي أن جميع ما يصادف الإنسان بوسعه القدرة على تخطيها وتجاوزها، ولكن يحتاج فقط أن يوقن يقينا صادقا بمعنى هذه الآية، ويتصالح مع أوضاعه ويتجاهل ما يعرقله ويمضي قدما.