على غرار ما تفعله الميليشيات الطائفية في العراق، لم يجد الانقلابيون في اليمن وسيلة أنجع من تكريس الانقسام لإطالة أمد الصراع في البلاد، فحولوا المدارس والجامعات إلى بؤر مذهبية تمارس تمزيق النسيج المجتمعي والوحدة الوطنية. وتشير تقارير إلى أن المدارس والجامعات اليمنية تمثل ميادين مفتوحة لبث الدعايات التحريضية، إذ تضم المؤسسات التعليمية الشباب والأطفال، وهو ما يدفع الانقلابيين إلى محاولات استقطابهم وتحريضهم على القتال في صفوفها. وقال عبدالسلام النقيب، وهو معلم بإحدى المدارس الثانوية في صنعاء، إن ما لا يقل عن خمسة طلاب من مدرسته تم استقطابهم من قبل الحوثيين للقتال في صفوفهم. مضيفا أن التحريض الطائفي أصبح منتشرا في المحافظة. الإذاعات المدرسية تستخدم الميليشيا الانقلابية وسائل وأساليب تحريضية عدة بهدف استقطاب الطلاب في المدارس والجامعات للقتال في صفوفها. وقالت معلمة طلبت عدم كشف هويتها لأسباب أمنية، إن هناك أفرادا يترددون على المدارس، ويطلبون من قياداتها إعداد إذاعة صباحية متكاملة لحث الطلاب على مواجهة التحالف العربي، مشيرة إلى أن من يأتون إلى مدرستها هم قيادات تربوية موالية لجماعة الحوثي. وأضافت المعلمة التي تزاول التدريس في صنعاء "يفرض الحوثيون علينا تقديم محاضرة وطنية، كما يسمونها، تتم كتابتها مسبقاً من قبلهم، ويطلبون منا إلقاءها على الطلاب خلال الإذاعة المدرسية في الطابور الصباحي، حيث تتضمن مفاهيم دعائية وتحريضية تهدف إلى استمالة الطلاب وحثهم على مواجهة دول التحالف". ويؤكد متابعون أن عملية الشحن والتحريض الطائفي تتخذ أساليب جديدة غير مألوفة اجتماعياً، كالتغيير في المناهج، وانتهاج أساليب تربوية تحريضية خارج إطار المقررات الدراسية، تسعى إلى غرس مفاهيم عدائية ومناطقية في أذهان الطلاب. نتائج كارثية يرى مراقبون أن خطر المد الطائفي الذي تغذيه الجماعة الحوثية يشمل النواحي السياسية والاجتماعية والأمنية، محذرين من نتائج كارثية ستثقل كاهل الحكومات المتعاقبة على اليمن في المستقبل. وأضافوا أن عمليات التحريض الطائفي في اليمن ستقدم جيلاً غرهابياً جاهزاً للقتال في صفوف الإرهابيين. ويرى رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية محمد عبدالسلام أن إدخال المؤسسات التعليمية في أتون الحرب، سيولد جيلاً تحكمه الإيديولوجية والمناطقية، وربما جيلاً مقاتلاً غير متعلم، ما يعني أن مستقبل اليمن في خطر. وقال "ربما ستمتد خطورة هذا التحريض إلى أجيال قادمة، لكون العملية التعليمية الضحية الأولى والأطفال أكثر الفئات تأثراً وتضرراً من الحرب، وما لم تتنبه المؤسسات الدولية والقائمين على التعليم في اليمن لذلك، فإننا سنكون أمام جيل جاهل وأمي، لم يجد من التعليم ما يستحقه، بينما وجد من التعبئة والتحريض ما يجعله خارج المدرسة، متشدداً وإرهابياً". تقارير دولية يعد التعليم في اليمن من أكثر القطاعات المتضررة بسبب الحرب الدائرة، حيث أدى قصف الحوثيين لمحافظة تعز، إلى تدمير عدد من الجامعات ومئات المدارس في حين حولت الميليشيات الانقلابية بعض هذه المدارس إلى ثكنات عسكرية وأخرى تحولت لمساكن للأسر النازحة. وبحسب أحدث تقارير الأممالمتحدة في اليمن، فإن هناك ما يقرب من 1300 مدرسة تعرضت للتدمير جراء الحرب، في حين أغُلقت 3600 أخرى، وهو ما يعادل 70% من إجمالي المدارس، الأمر الذي تسبب في حرمان ما يقرب ثلاثة ملايين طفل من الدراسة ونحو 500 ألف طالب من مواصلة التعليم. وفي تقرير بعنوان "التعليم تحت النار"، أشارت منظمة "اليونيسيف"، إلى أن الحرب الدائرة في اليمن دفعت آلاف الأطفال إلى التخلي عن الكتب والأقلام، وأجبرتهم على الذهاب للقتال في صفوف طرفي الصراع. ونقل التقرير عن خبراء تربويين قولهم إنه مع بدء العام الدراسي الحالي، فتحت بعض المدارس الحكومية والجامعات أبوابها، إلا أن الآباء لا يزالون متخوفين من إرسال أبنائهم للدراسة، بسبب الوضع الأمني المنفلت.