اتهم الدكتور عبدالعزيز الخضر بعض رؤساء التحرير في الصحف السعودية بممارسة الإقصائية بجميع أنواعها وأشكالها، وتهرب من الإجابة عما إذا كان قد قام بممارسة نفس الإقصائية حينما كان رئيساً للتحرير؟ وقال "لا أحكم على تجربة مررت بها". وقال الدكتور الخضر في محاضرة ألقاها بنادي الرياض الأدبي مساء أول من أمس وأدارها محمد الهويمل، إن أشد أنواع الإقصائية التي يمارسها رؤساء تحرير بعض الصحف تتم في الملاحق الصحفية الثقافية ويمارس فيها إقصاء أيديولوجي ومناطقي، فيما يتركز الإقصاء في الملاحق الرياضية بسب انتماءات للأندية، إلى جانب الإقصاء في الملاحق الاقتصادية وبدأ مع موجة الأسهم والإقصاء في الصحافة الشعبية، وآخر بسبب المعارك الصحفية مؤقتاً. ونفى الخضر بأن يكون في المملكة تيار ليبرالي حقيقي، مبيناً أن الليبراليين أكثر الاتجاهات المويدة لتعدد الآراء، وتابع: "المفترض أن تكون الليبرالية أكثر الاتجاهات المؤيدة لتعدد الآراء". وأشاد الدكتور الخضر بتجربة صحافة الأفراد كتجربة ثرية عفوية حيث ظهرت 40 صحيفة وبلغ عدد طلبات الإصدار 100 صحيفة حتى عام 1964، مبينا أن صحافة الأفراد لم تمارس الإقصائية بل كانت أكثر حرية وقوة في الطرح، وأكثر جرأة في تناول الموضوعات من صحافة المؤسسات، وكانت صحف الأفراد تتعرض للإغلاق بسبب جرأتها، فيما لم يكن لصحافة المؤسسات خلال العقود الأربعة الماضية تاريخ مشرف في الجرأة، وقال الخضر إن الإقصائية التي تمارس ليست قاصرة على الرجال فقط، بل تمارس ضد المرأة التي تتعرض هي الأخرى للإقصائية، وهناك عوامل تتحكم في الإقصائية لا يُستبعد منها القبلية والطبقية، وتابع "صحافة الموسسات لدينا تمارس الإقصائية وهي محدودة إذا قارنتها بعدد صحافة الأفراد وأن الصحف المعتبرة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وأكد أن الإقصائية ليست حالة يمكن الوقوف عليها وإنما هي ممارسة تاريخية وهو موجودة في كل مكان، ولا تعني عدم نشر مقال ولكن الإقصاء هو الذي يتم بوعي وعن قصد. وأشاد الخضر بتجربة صحيفة "الوطن"، وقال إنها نهضت بالصحافة السعودية وأعادت الهيبة للمهنة، وكانت لها بداية رائعة ظهر بها أكثر من 70 مقالاً في الأسبوع توازن وتنوع في الآراء والأطروحات، وتمثيل للمناطق ولتيارات مختلفة ورؤى متعددة، مشدداً على أهمية كتاب الرأي لأنه لهم تأثير قوي، خصوصاً أولئك الذين يتميزون بمصداقية لدى القارئ، ويطرحون قضايا ثقافية وفكرية قوية، وحتى لو كتب هؤلاء في صحف ضعيفة سيظل لهم قراؤهم"، ووصف "الشفافية" بأنها من ضمن الشعارات، وأن الإنترنت وضع "شفافية الصحف" على المحك، وتابع "الصحف السعودية لا تفتح نقاشات حية"، وتمارس التعتيم الشديد على مشاكلها الخاصة، ولا تتناول هذه المشاكل. وأكد أن الصحافة الورقية ستظل تحتفظ بميزتها لأنها شبه رسمية، ولكن الصحف الإلكترونية اجتذبت القارئ، بطابعها المختلف، داعياً إلى ضرورة تواجد مدارس صحفية سعودية خاصة وتساءل "ماهي المدارس الموجودة .. الألوان باهتة لا توجد مدارس من الناحية المهنية وهي عرضة للتقلبات، وقال إن الصحافة السعودية يغلب عليها طابع "صحافة طوارئ" ويبدو عليها عدم ارتياح لوجود أي آراء أخرى. وتساءل في نهاية محاضرته عن دور هيئة الصحفيين في الرد على تقارير منظمة مراسلون بلاحدود التي تضع الصحافة السعودية في مراكز متأخرة وأنها لم تطور المهنية بالصحافة السعودية، داعياً إلى الاستفادة من التجارب العربية.