اعتمد مجلس الوزراء السعودي الأسبوع الماضي رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي تولى سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إعدادها والإشراف على فريق العمل فيها، وقد جاءت مترجمة لآمال وتطلعات شباب المملكة الطموح إلى غد مشرق مزدهر نابض بالتطور والعطاء المستمر، وبناء وطن قادر على تجاوز العقبات وصولا إلى دولة عصرية حديثة ذات موارد مستدامة، وكانت الرؤية انعكاسا لحس شاب خالج نفوس وعقول أبناء الوطن المتطلعين إلى مشروع بحجم الرؤية، والتحول إلى وطن يسابق الزمن ويقهر الصعاب في سباق نحو إنجاز طموح يصل بنا إلى مصاف الدول المتقدمة. الرؤية هي الخطوة الأولى وخارطة طريق واضحة المعالم والأهداف يرفدها عدد كبير من المتغيرات في الأنظمة والقوانين، ومنظومة من الرقابة والتدقيق ستصدر لاحقا في برامج معدة من قبل فرق متنوعة من أبناء الوطن في برنامج التحول الوطني للسير نحو تحقيق الرؤية، وقد كان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان موفقا في إيصال تفاصيلها من خلال لقائه التلفزيوني الذي نقل لنا ليس فقط مضامين الرؤية وأهدافها، بل أيضا أوصل شغفا وصدقا وجهدا وطموحا سيكون وقودا للرؤية وسلاحا قاهرا لتحقيق مفرداتها وتطلعاتها، كان الأمير تلقائيا عفويا متدفقا، فعكس ذلك شفافية وصدقا في الرغبة في النهوض بهذا الوطن، وإيمانا راسخا وثقة كبيرة بالقيادة وبالرؤية وبأبناء هذا البلد الذين هم وقود المسيرة للوصول إلى هذه الرؤية الطموحة. الرؤية جلية شاملة مدروسة واقعية، فقد ركزت على النظر إلى ما يميز المملكة ويكون وقودا حقيقيا لنهضة مزدهرة من خلال المحاور الرئيسية، والمتمثلة في العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية الرائدة والموقع الجغرافي الرابط بين ثلاث قارات، وبنيت على العناية والاهتمام والتطوير للمجتمع والاقتصاد ومقومات الوطن الحكومية والشعبية، وبذلك تكون الرؤية شاملة للتطوير والتأهيل والنهضة بمقومات الأوطان الحقيقية من خلال العناية بالإنسان والمكان وكل ما يخدمهما ويجعل منهما قوة حقيقية لبناء الوطن المنشود من خلال معايير دقيقة يمكن قياسها ومعرفة مستوى الإنجاز من عدمه، كما أنها تجعل من المواطن ومؤسسات المجتمع رقيبا مباشرا، مما يرفع مستوى المسؤولية ويخلق مزيدا من الانتماء، وأيضا أكدت الرؤية على الالتزام الكامل بالمبادئ الرئيسية التي أسست البلاد عليها، كما أنها تحمل كثيرا من التفاصيل التي تمس حياة الأسرة والبيئة والاستثمار. انشغل العالم ولا يزال منشغلا بالتحليل والتوصيف والانبهار لتلك الرؤية السعودية الطموحة، لكن محمد بن سلمان كان واقعيا في وصفها، حيث آمن بأنها طموحة ويقف أمامها كم ضخم من العوائق والعقبات، ولكن إيمانه بالقيادة الحكيمة الحازمة وبأبناء الوطن الصادقين سيخلق فتحا جديدا لمرحلة جديدة تخلق مملكة معاصرة، كما فعل جده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، الذي أسسها بقيادته وجهود أبنائها المخلصين، وبهذا سيكون رهانهم خاسرا وسنحتفل مع سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعد الأعوام الخمسة عشر القادمة بتحررنا من الأفكار البالية ونجاحنا في تحقيق الرؤية، من حقنا أن ندافع عن مشروعنا الحضاري، وأن ندافع عن وطننا، وأن نخوض في سبيله كل المعارك لنعيش فيه ونتركه للأجيال من بعدنا مؤسسا على أرض صلبة، ليسعدوا به ويذكر التاريخ أننا لم نفرط فيه، فليست الرؤية لمحمد بن سلمان فقط، بل هي رؤيتنا وكلنا محمد بن سلمان.