لم تقتصر مأساة اللاجئين الذين يطرقون أبواب الدول الأوروبية على المضايقات التي يجدونها في سبيل الدخول إلى تلك الدول، والاعتداءات التي يتعرضون لها أحيانا على أيدي السلطات الأمنية، والجماعات المناوئة لوجودهم هناك، بل تعدت كل ذلك ووصلت حد اختطاف الأطفال والفتيان القُصَّر على أيدي جماعات تابعة للمافيا الدولية. وتشير تقارير صحفية إلى أن آلاف الأطفال الذين هاجروا للدول الأوروبية بدون رفقة عائلاتهم، فُقدوا خلال الفترة الماضية، وفق إحصاءات رسمية أصدرتها الشرطة الأوروبية "يوروبول"، التي أكدت وجود مؤشرات تثبت أن معظم أولئك الأطفال تم اختطافهم على أيدي عصابات تابعة للمافيا الدولية. ورغم أن عددا من الدول سبق أن أبدت ترحيبها باللاجئين، واستقبلتهم بحفاوة في بداية الأمر، إلا أن تزايد النزعة اليمنية المعادية للأجانب في أوروبا، أرغمت حكومات تلك الدول على تغيير موقفها، وإغلاق أبوابها في وجوه اللاجئين. مما جعل هؤلاء يعانون أوضاعا إنسانية في غاية الصعوبة، حيث أقدمت بعض الدول على وضعهم في كانتونات خاصة بتربية الحيوانات، فيما يقضي آخرون أيامهم على الأرصفة، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء. مفقودون بالآلاف أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى الظروف التي يتعرض لها اللاجئون الفارون لأوروبا، جراء الحروب والاضطهاد الذي يعانون منه في دولهم التي تشهد حروبا وصراعات مسلحة، وقالت إن آلافا من أطفالهم يتعرضون للاختفاء والفقدان. ونسبت الصحيفة إلى مصادر بوزارة الداخلية الألمانية القول إنها تلقت بلاغات عن فقدان حوالي ستة آلاف طفل لاجئ وقاصر بالبلاد العام الماضي، وسط تزايد المخاوف من استهدافهم من جانب شبكات من المهربين والمجرمين. مضيفة أن معظم الأطفال المسجلين في عداد المفقودين قدموا من سورية وأفغانستان وإريتريا والمغرب والجزائر، وأن حوالي 550 منهم تحت سن 14 عاما. وأن عدد الأطفال والقاصرين المفقودين لا يزال غير معروفا على وجه الدقة، وذلك بسبب الطرق البدائية المتبعة في أنظمة تسجيل اللاجئين، ما يعني أن أوروبا لا تملك صورة واضحة عن عدد المفقودين من أطفال اللاجئين بشكل عام. سخرة وعبودية وجهت صحيفة "واشنطن بوست" اتهامات مباشرة للحكومة الأميركية بأنها مارست أخطاء "لا تغتفر في السياسات والإجراءات" المتعلقة بحماية أطفال اللاجئين غير المرافقين لذويهم، حين سمحت سياساتها أحيانا بتسليمهم إلى مهربي بشر. وأضافت في افتتاحيتها أن مكتب إعادة توطين اللاجئين - التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية - هو المسؤول عن وضع الأطفال غير المصحوبين بذويهم في أيدي رعاة كبار، كان من المتوقع أن يقوموا على شؤونهم أثناء النظر في قضايا الهجرة الخاصة بهم. ووفق ما كشف عنه العديد من هؤلاء الأطفال، انتقلت حضانتهم إلى أيدي رعاة ذوي سجلات جنائية متعلقة أحيانا بالقتل والتحرش بالأطفال والاتجار بهم. وأكد تقرير لمجلس الشيوخ صدر أخيرا أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في عام 2014 أوكلت أمر ستة أطفال على الأقل لعصابة من مهربي البشر أجبروهم على العمل في مزرعة للبيض في ولاية أوهايو بأقل من دولارين في اليوم. وفقا للائحة اتهام جنائية عام 2015، تعرض الأطفال لمعاملة لا إنسانية وأجبروا على العمل ستة أو سبعة أيام في الأسبوع، بمعدل 12 ساعة يوميا، وهدد الجناة مرارا وتكرارا الضحايا وأسرهم بإلحاق الأذى الجسدي والقتل، إذا لم يعملوا أو يتخلوا عن رواتبهم كاملة". كما تم وضعهم في مقطورات قديمة، بدون أسرّة، ولا حرارة، ولا ماء ساخن، ولا مراحيض صالحة". مخاوف بلا مبرر تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن السبب وراء الخشية التي يعبر عنها البعض في أوروبا والولاياتالمتحدة إزاء اللاجئين الفارين من الحروب والاضطهاد، رغم أنهم لا يشكلون تهديدا للغرب، خاصة أن معظمهم من النساء والأطفال. وأشارت إلى أن أكثر من مليون لاجئ شقوا طريقهم إلى أوروبا العام الماضي، في أكبر موجة لجوء تشهدها القارة منذ الحرب العالمية الثانية، مما أسهم في تأجيج موجة من الكراهية للأجانب لدى بعض اليمينيين المتطرفين، وأدى إلى انقسامات بين دول القارة بشأن كيفية التعامل مع اللاجئين. وأشارت إلى المخاطر والأهوال التي عانى منها اللاجئون الفارون إلى الغرب، بعيدا عن مخاطر الحروب في الشرق الأوسط، وأوضحت أن أكثر من 3700 لاجئ لاقوا حتفهم في طريق اللجوء العام الماضي، وقالت إن حالهم العام الجاري يبدو أكثر سوءا. وأضافت أن اللاجئين يتعرضون إلى مصاعب أثناء محاولاتهم العبور إلى دول أوروبا، وسط إغلاق بعضها للحدود أو رفعها سياجات شائكة في وجوههم. غياب الإحصاءات الموثوقة أصدرت وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" بيانا أكدت فيه أن حوالي عشرة آلاف طفل لاجئ فُقدوا في الأشهر الأخيرة داخل الحدود الأوروبية، مشيرة إلى أنه نظرا للروابط الوثيقة في كثير من الأحيان بين الشبكات الإجرامية ومهربي البشر الذين يساهمون في تسهيل السفر لحوالي 90% من المهاجرين، فإن هناك مخاوف من أن بعض هؤلاء الأطفال تستغلهم عصابات إجرامية. وقال نائب رئيس الوكالة، ديتريش نيومان في تصريحات صحفية "لدينا تأكيدات رسمية من ألمانيا بوجود حوالي خمسة آلاف طفل لاجئ مفقود، 500 منهم أعمارهم أقل من سنة 14". وأضاف "يصعب حاليا التكهن بما حصل لهؤلاء الصغار، لكننا نعرف أن بعضهم يوجدون في أحضان منظمات إجرامية معروفة بتعاملها في مجال الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي. وهذا هو سبب قلقنا لأن هذا الأمر يشكل تهديدا للأطفال". وتؤكد المنظمة الأمنية الأوروبية عدم امتلاكها أي معلومات دقيقة حول عدد الأطفال المفقودين وأماكن وجودهم والجهات المتهمة باستقطابهم، لكنها تشدد على أن مجموعة من التحقيقات أثبتت بروز عدد كبير من الأطفال المتسولين في الآونة الأخيرة وهروب أطفال من مراكز اللجوء وإعلان عائلات أنها تبحث عن أطفالها. تحذير من الكارثة تعد أزمة الهجرة هاجسا مشتركا بين الدول العربية والأوروبية، يؤكده خوف الدول الغربية على غرار إيطاليا وفرنسا من موجه الهجرة بسبب الوضع الأمني في ليبيا خاصة، ودعت هذه الدول إلى ضرورة دعم حكومة الوفاق الوطني الجديدة في البلاد لتفعيل دورها في البلاد نحو الحد من ظاهرتي الإرهاب وتهريب البشر. وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حذرت العام الماضي من أن نصف مليون شخص سيحاولون عبور البحر المتوسط ما لم تبذل جهود للتصدي لهؤلاء المهربين الذي يستغلون أزمة اللاجئين. من جانبها، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في بيان صحفي، أن عدد المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى الشواطئ الأوروبية عن طريق البحر المتوسط في عام 2016، بلغ 164 ألفا و41 مهاجرا ولاجئا بمعدل يومي بلغ 1885 وافدا من الرجال والنساء والأطفال. وأضافت المنظمة أن 730 شخصا تم إنقاذهم في قناة صقلية بين ليبيا وإيطاليا، مشيرة إلى أنه بنهاية مارس الماضي بلغ عدد الوفيات 531 حالة وفاة لمهاجرين ولاجئين متجهين إلى أوروبا عام 2016، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 9% مقارنة بعدد الوفيات في الفترة نفسها من العام الماضي 2015؛ إذ بلغ 489 وفاة فقط. وأعرب مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي في بيان، عن قلقه إزاء الهجرة غير الشرعية في البحر الأبيض المتوسط، على خلفية مصرع مئات اللاجئين جراء غرق سفينة كانت تقلهم من ليبيا إلى أوروبا، داعيا جميع البلدان المعنية إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية في مياه المتوسط. وحذر من الآثار المنعكسة على الاستقرار الإقليمي، ممثلة في الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وأنشطتها غير الشرعية المتعلقة بالاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين. ورغم عمليات المراقبة الأوروبية بمشاركة سفن بحرية ألمانية، لسواحل إيطاليا، فإنه ما يزال يفد إلى إيطاليا سنويا 100 ألف مهاجر غير شرعي، وارتفعت أعداد المهاجرين الذين يموتون غرقا في مياه البحر الأبيض المتوسط، بشكل ملحوظ وبلغ عددهم عام 2014 ثلاثة آلاف شخص، بينما تضاعف العدد العام الماضي.
تزايد الكراهية انتقدت "نيويورك تايمز" سياسات الولاياتالمتحدة في ترحيل طالبي لجوء فروا إليها من القمع والاضطهاد من مناطق أخرى في العالم، وذلك رغم أن بعضهم لا يشكل تهديدا للأمن القومي، في ظل كون معظمهم نساء وأطفالا. وأشارت إلى تصريحات سابقة بهذا الشأن قال فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما: أميركا لن ترحّل الأسر والأطفال أو الأمهات اللواتي يضعن الطعام على المائدة لأطفالهن. وأضافت الصحيفة أن أجواء كراهية الأجانب جعلت المرشح الجمهوري المحتمل دونالد ترامب يمعن في معاداته للاجئين، سواء المكسيكيين أو المسلمين. تجارة مزدهرة تتردد أنباء عن ازدهار تجارة تهريب البشر على أبواب أوروبا، وبخاصة في العاصمة الصربية وغيرها داخل ممر هجرة البلقان. وفي وقت سابق أشارت تقارير إلى أن أسواق التجارة تنتعش بالنسبة للسكان المحليين، بعد أن أغلقت القارة العجوز مداخلها أمام اللاجئين عقب دخول اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا حيز التنفيذ في 20 مارس الماضي، لافتة إلى أن الاتفاق الذي يقضي بإعادة المهاجرين إلى تركيا، غذى تجارة التهريب في المنطقة ونشط عصاباتها. ووسط تشديد الإجراءات في الحدود الأوروبية، يتجمع اللاجئون في صناديق السيارات أو داخل حجرات سرية داخل الشاحنات والباصات، ثم ينقلون عبر طرق التهريب غير الشرعية التي يسلكها مهربو المخدرات، في حين يسلك آخرون بحمولتهم من اللاجئين طرق الحدود المعتادة مع ملء جيوب موظفي الأمن والجمارك بالرشاوى كي يغضوا الطرف. غياب الإحصاءات الموثوقة أصدرت وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" بيانا أكدت فيه أن حوالي عشرة آلاف طفل لاجئ فُقدوا في الأشهر الأخيرة داخل الحدود الأوروبية، مشيرة إلى أنه نظرا للروابط الوثيقة في كثير من الأحيان بين الشبكات الإجرامية ومهربي البشر الذين يساهمون في تسهيل السفر لحوالي 90% من المهاجرين، فإن هناك مخاوف من أن بعض هؤلاء الأطفال تستغلهم عصابات إجرامية. وقال نائب رئيس الوكالة، ديتريش نيومان في تصريحات صحفية "لدينا تأكيدات رسمية من ألمانيا بوجود حوالي خمسة آلاف طفل لاجئ مفقود، 500 منهم أعمارهم أقل من سنة 14". وأضاف "يصعب حاليا التكهن بما حصل لهؤلاء الصغار، لكننا نعرف أن بعضهم يوجدون في أحضان منظمات إجرامية معروفة بتعاملها في مجال الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي. وهذا هو سبب قلقنا لأن هذا الأمر يشكل تهديدا للأطفال".
أزمة متفاقمة في ظل غياب حلول جذرية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، تتفاقم أزمة المهاجرين من الدول الإفريقية عبر البحر الأبيض المتوسط، وتتزايد أعدادهم، بسبب انسداد الآفاق في بلدانهم، وغياب فرص الحياة الكريمة للشباب، وبخاصة في تونس، وبسبب الحرب في بعض الدول على غرار ليبيا. وخلال الأيام الماضية، شهد العالم كارثة إنسانية بغرق نحو 500 شخص في البحر الأبيض المتوسط. ونقلت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة لجنوب أوروبا، كارلوتا سامي، عن مهاجرين أنقذوا في البحر المتوسط، قولهم إنهم شهدوا حادث غرق قضى فيه نحو 500 شخص دون تحديد التاريخ. وأوضحت أن عدد الناجين بلغ 41 شخصا ينحدرون من الصومال، والسودان، وإثيوبيا، وهم 37 رجلا، وثلاث نساء وطفل في الثالثة مع أسرته، مشيرة إلى أن المهاجرين أبحروا من طبرق، شرق ليبيا، على متن زورق قديم ينقل بين 100إلى 200 شخص. وبحسب مصادر دولية، أصبحت ليبيا قاعدة رئيسية لعمليات تهريب البشر، مؤكدة أن انهيار المؤسسات واندلاع الحرب فيها أدى إلى هروب نحو مليون و400 ألف مهاجر إفريقي وعربي وآسيوي كانوا يعملون في البلاد، من بينهم 120 ألف تونسي، باتجاه أوروبا. كما يفد المهاجرون من جنوب الصحراء الإفريقية ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى ليبيا للعبور إلى أوروبا، بحكم قربها من إيطاليا، وغياب الرقابة الفعالة على حدودها البحرية والبرية جراء النزاع المسلح على السلطة، وتعد المنطلق الرئيسي في إفريقيا لآلاف المهاجرين الحالمين بالوصول إلى أوروبا.