إذا كان تاريخ الفن قد سجل للحربِ العالمية الأولى أثرها في التأثير الكبير/ المفصلي لحركة الفن التشكيلي، على مستوى العالم ، فخلقت مدارسَ فنية كالتأثيرية والتكعيبية والسيريالية. تثير وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي "السوشال ميديا" تساؤلات جمة لدى المراقبين، عن الأثر الذي يمكن أن تخلفه في الساحة الفنية، من خلال مواقع مختصة بالفن، وهل حضور الفن والفنانين خلالها، يسهم في الوصول للجمهور، ونشر المعلومات والوعي والثقافة حول الفن، أم تظل مجرد وسيلة ووعاء حديثا ليس إلا، محملا بكل السلبيات، والرؤى والتصورات والممارسات القديمة للساحة الفنية التشكيلية؟ بعض الفنانين ينحي مثل هذه التساؤلات جانبا، غير مكترث بها، لافتا إلى نشوء "الديجتال آرت" كفن قادم بقوة، مؤكدين أنه سيحدث نقلة كبرى ربما تتسبب في موت "الفرشاة والألوان". اختلاط الحابل بالنابل يبدي الفنان المخضرم عبد الرحمن السليمان تذمرا مما آل إليه وضع الفن بسبب السوشال ميديا، ويرى أن سلبياتها أكبر، والإيجابيات محدودة قائلا ل "الوطن": في هذه الوسائل اختلط الحابل بالنابل، فصار ليس يسيرا التمييز بين الفنان الحقيقي وغير الفنان، لا ننكر أن هناك أشياء جيدة، وفنانين جيدين قدمتهم السوشال ميديا، لكن الأكثر سيئ، ولم تعد هناك مصداقية في التقييم، وأصبحت المعايير لا ترتهن لقيم فنية، قدر ما تخضع للمجاملات وإغراءات "اللايك" و"المتابعة"، وأتصور أن الجيل الجديد ربما يجد صعوبة في تمييز الفن الحقيقي كقيمة وما إلى ذلك. لكن هذا لن يدفعنا لإنكار الإيجابية التي وفرتها السوشال ميديا في تيسير التواصل بين الفنانين كأفراد على مستوى العالم والتعارف وهكذا.
ترويج واحتكاك وتقريب للمسافات يرى الفنان فهد الربيق، أن الوسيلة الوحيدة السابقة للوصول للفنانين وإحياء الحوارات الثقافية، عن طريق المعارض، وكانت التغطية الإعلامية تقتصر على المعارض، لكنها ليست بالزخم الذي تقدمه لنا وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي قربت المسافات وكسرت حاجز المكان، وساعدت في أن يحتك الفنانون والفنانات المبتدئين بالرواد ويطلعون على الكثير مما يقدم محليا وعالميا، وأوجد ترابط اقويا بين الأجيال الفنية، وأتحدث بشكل محدد عن مجموعات الواتساب، وهي بالعشرات جمعت فنانين من أجيال وخلفيات مختلفة وساهمت بإبقاء الحركة الفنية حية.
رؤية الحسابات وفلسفتها تنتشر حسبات الفنانين والفنانات في كل مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كانت فردية، أو جماعية، والأخيرة تميز موقع " فيسبوك" الذي كانت له الأسبقية في تكوين مجموعات فنية، تهتم بالمتابعة الخبرية للفعاليات والنشاطات الفنية، من معارض وندوات ومهرجانات. ولكل مجموعة من المجموعات رؤيتها الخاصة، بعضها يهتم بإبرازها، وبعضها لا يشير إليها، ما يعطي المتصفح انطباعا بأن المجموعة ارتجالية في تكوينها، أو لا تملك رؤية محددة تنطلق منها، وهنا يحضر عامل الوعي والمستوى الذي يمثل مؤسسي المجموعة الإلكترونية.