كشفت مصادر دبلوماسية سودانية عن محاولات تقوم بها الحكومة الإيرانية لإعادة العلاقات بين البلدين، مشيرة إلى أن شخصيات سودانية معروفة بتواصلها مع نظام طهران ألمحت إلى رغبة طهران في استئناف العلاقات بين البلدين على أسس جديدة، وحاولت إثارة الموضوع مع شخصيات نافذة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، من بينها قيادات في وزارة الخارجية، لتبني الموضوع وتقديمه كمقترح لرئاسة الجمهورية، إلا أن تلك القيادات رفضت بصورة قاطعة مجرد فتح النقاش في الأمر، مؤكدة أن قرار قطع العلاقات بين البلدين هو قرار رئاسي اتخذه الرئيس عمر البشير، بمبادرة منه، لذلك لا يجوز الاستدراك عليه، مشيرة إلى أن الأسباب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ ذلك القرار لا تزال قائمة. وأضاف المصدر الذي يتبوأ منصبا رفيعا في الخارجية السودانية، إلا أنه رفض الكشف عن هويته، أن القرار السوداني الذي أتى بعد الاعتداءات الإيرانية على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، أعاد السودان إلى محيطه العربي من جديد، بعد سنوات من البرود، وأن الخرطوم لا تريد العودة إلى الوراء. وكشف أن البعثة الدبلوماسية الإيرانية ظلت على الدوام مصدرا للتهديد المجتمعي في السودان، بسبب الأنشطة السلبية التي تقوم بها، ومحاولاتها المستمرة للترويج للمذهب الشيعي، باستغلال حالة الفقر التي يعاني منها كثير من فئات الشعب، وهو ما أثار مخاوف من اندلاع فتنة طائفية تهدد النسيج المجتمعي. ضرب الإجماع العربي وصف المحلل السياسي عبدالله يوسف محاولات إيران استئناف العلاقات مع الخرطوم، بأنها "محاولة لشق الصف العربي وضرب الإجماع الذي وقف ضدها، بعد اعتداءاتها على البعثة الدبلوماسية السعودية، وقال في حديثه إلى "الوطن" "لا مكان لإيران في السودان، والعلاقات التي كانت موجودة في السابق لم ترتق إلى مستوى متطور كما يتوهم البعض، وانحصر الدور الإيراني في مساعدة الحكومة السودانية على إنشاء مصانع للذخائر والأسلحة الخفيفة، لأنها تركز في الأساس على مستلزمات الموت وأدوات الدمار، ولم تستثمر في أي مشروع إنمائي، ولا وجود لأي استثمارات تجارية أو اقتصادية. لذلك فإن الشعب السوداني قابل قرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بمشاعر فرح غامرة، واستقبل الرئيس البشير في المطار استقبال الفاتحين عقب عودته من المملكة بعد إعلانه قطع العلاقات، وهو ما يدل على أنها علاقات لا جذور لها في أرض الواقع، ولا امتدادات في عالم المصالح والتبادل المشترك". إغلاق الملحقية الثقافية بادرت الخرطوم في سبتمبر 2014 إلى اتخاذ قرار سريع، قضى بإغلاق المركز الثقافي الإيراني بالعاصمة والولايات، ومطالبة الملحق الثقافي الإيرانيبالخرطوم وطاقمه بمغادرة البلاد في غضون 72 ساعة. وأثار القرار ارتياحا واسعا وسط الشارع السوداني، الذي خرج في مسيرات حاشدة مشيدا بالقرار، ومطالبا بقطع كامل للعلاقة التي لم ترض الشعب أولاً ولا الجيران والأصدقاء. وأشارت الخارجية السودانية في بيان إلى ملابسات القرار ودوافعه، حيث أرجع البيان السبب إلى تجاوز المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم وفروعه في كل ولايات البلاد للتفويض الممنوح له، والاختصاصات التي تحدد عمله، واعتبرت أنه بذلك أصبح يشكل تهديداً للأمن الفكري والاجتماعي. وأكدت الوزارة أن السودان ظل يتابع نشاط المركز وتأكد من أنه تجاوز التفويض والاختصاصات التي تحدد أنشطته. وأغلق بموجب هذا القرار أكثر من 26 مركزاً ومكتبة ومدرسة ورابطة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية يوسف كردفاني إن القرار جاء نتيجة لتجاوز الملحقية الثقافية والمراكز دورها الثقافي والدبلوماسي، واستجابة لنداءات عدد من العلماء وتحذيرهم من إمكانية حدوث فتنة مذهبية في البلاد. موقف شعبي واضح أما مدير مركز الدراسات الإستراتيجية، محمد الفاتح مصطفى، فقد حذر من محاولات إيران الالتفاف على قرار قطع العلاقات معها، مشيرا إلى أن المستهدف الوحيد من هذه المحاولات هو الإجماع العربي، مستبعدا أن تتجاوب الحكومة مع هذه المساعي، وقال "صفحة العلاقات السودانية الإيرانية طويت إلى الأبد، ما لم تبادر طهران إلى تغيير سياساتها والتوقف عن محاولات إثارة الأزمات في الدول العربية، ولن تقدم الحكومة – حتى لو أرادت – على استئناف العلاقات، لأن ذلك سوف يقابل برد فعل شعبي صارم، لأن الشعب السوداني رفض تلك العلاقة، وأكد وقوفه ضدها، كما أن مواقف الدول العربية المساندة للسودان والداعمة له في كل المحافل الدولية تحول دون عودة العلاقات مع إيران". تهديد الأمن الاجتماعي شن الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، ووزير الإرشاد الأسبق الدكتور عصام أحمد البشير هجوماً عنيفاً على المراكز الثقافية الإيرانيةبالخرطوم التي تم إغلاقها، مشدداً على خطورة ما ظلت تقوم به الملحقية الثقافية في السودان من محاولة لنشر التشيع في البلاد، باستغلال الطبقات الفقيرة، مشيرا إلى أن الشعب السوداني عرف بالتسامح الديني، مؤكدا أن الشعب انتظر قرار إغلاق هذه المراكز كثيراً، وأشاد بالقرار الذي تبعه إغلاق الحسينيات. وأضاف البشير "المجتمع السوداني عرف بأنه مجتمع سني 100%، ومن شأن وجود جماعات تطعن في عقيدة أهل البلاد أن تؤدي إلى حدوث اضطرابات أمنية، لذلك فإن القرار الذي اتخذته الحكومة صائب وحكيم، يهدف إلى نزع فتيل التوتر وإزالة أسباب الفتنة. نقاط الخلاف إثارة الأزمات في الدول العربية التدخل في الشؤون الداخلية تهديد النسيج الاجتماعي الترويج للمذهب الشيعي استغلال ظروف الفقراء الإساءة إلى رموز دينية تهريب كتب طائفية القيام بمهام غير دبلوماسية