ها هي مصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي، في بناء للمستقبل، والمضي بالمنجز نحو مزيد من التفوق، والزيارة الملكية التي قام بها الملك سلمان هي الأولى منذ توليه مقاليد الحكم، وهي زيارة تدل على عمق العلاقات المصرية السعودية، وأنا لست بحاجة للحديث عن المكانة المتميزة رفيعة القدر للسعودية في قلوب كل العرب، ولاسيما نحن المصريين، فتلك حقيقة، ولست بصدد تأكيد أن تقديرنا للشعب السعودي عظيم، ولن يصرفني ذلك عن الحديث عن خصوصية توقيت الزيارة؛ وذلك لما تمر به المنطقة العربية والشرق أوسطية الآن من قلق وعدم استقرار وأجواء ملبدة بالغيوم، وخمسة أيام في أرض الكنانة تعني أنها زيارة استثنائية، وحالة الاحتفاء التي قوبل بها الملك سلمان حاكتها قلوب المصريين، وجعلتها مادة ثرية للكتاب والمحللين والمراقبين؛ إذ إن الزيارة لن تؤتي أكلها للمملكة ومصر فحسب؛ بل ستُجنى فوائدها عربيا وإسلاميا، فهي ليست فقط للاتفاق على حزمة من المشروعات الاقتصادية والتنموية؛ بل تؤكد مدى العلاقة ومدى التلاحم والقوة والوحدة وتلاقي الأفكار بين الزعيمين الكبيرين في وقت كثر فيه الحديث عن تقسيم للوطن العربي، والتاريخ سجل تفاصيل الرواية الإنسانية التي ربطت البلدين، في بناء شراكة تستدعي دوما تجديد دماء الفكر، فقد وضع الملك هذا الحب على الواقع بكل ما يتجلى من معالم التاريخ والجغرافيا التي تفيض ببعد ثقافي سيعزز ما في الوجدان؛ لأنها جزء منها، ولكون التاريخ رقما صعبا لا يمكن تجاوزه، فالمملكة ومصر يشكلان ثقلا، هذا الثنائي في تقاربه والتحامه في جسد الاقتصاد وروح السياسة وفكر الثقافة سيعود على المنطقة العربية والشرق أوسطية بالخير والاستقرار، وها هو الملك الهمام أمر ببناء جسر يربط بين البلدين، أطلق عليه الزعيم السيسي جسر الملك سلمان، وكأني بالزعيمين يقفان عليه ويلوحان بمنديل أبيض للشعوب العربية جمعاء أن هلموا وتعاضدوا وأكملوا عقد المحبة والوئام، وكأني بهما يقولان للحاقدين المخربين الهادمين أن كفوا أذى اللسان وارتدعوا عن غيكم، واعملوا على البناء لا الهدم، وها هما يدحران ما ظنه الآخرون انقساما.