بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان جمهورية مصر، أشرقت شمس عصر عربي جديد، وبالقرارات التاريخية، التي صدرت عن القيادتين السعودية والمصرية، انتقلت المنطقة من فترة عصيبة، شهدت فيها أحلك ظروف التوتر والفرقة والتناحر والصراع، إلى فترة يسود فيها الرخاء والنماء والاستقرار. 17 اتفاقية وقَّعها الوفد السعودي خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سلمان لأرض الكنانة في مجالات الطاقة الذرية السلمية والكهرباء والتجارة والاقتصاد والإسكان والتنمية الزراعية، إضافة إلى اتفاقيات للتعاون في مجالات التعليم والثقافة والإعلام ومكافحة الفساد. من شأن تلك الاتفاقيات أن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد والتنمية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، خاصة أن المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، تشكلان مركز ثقل مهماً في صناعة القرارات السياسية والاقتصادية، ولهما تأثيرهما القوي في التحالف الجديد، الذي تتزعمه المملكة لمحاربة الإرهاب، وهذا ما تضمنته تغريدات الملك سلمان في «تويتر»، ومن أبرزها أن لمصر مكانة خاصة في نفسه، كما أكد أهمية العلاقة الاستراتيجية التي تربط السعودية بمصر، وما تحمله زيارته مصرَ من معانٍ، وما حققته من نتائج ومنجزات، كان أهمها إعلان خادم الحرمين عن مشروع الجسر الذي يربط بين المملكة ومصر، ما سيفتح آفاقاً جديدة، كما أنه سيكون طريقاً للسفر والتواصل بين قارتَي آسيا وإفريقيا، وإعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. إذا كانت المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين، والأرض المقدسة، التي تُشد إليها رحال المسلمين، فإن مصر هي بحق تاج العلاء في مفرق الشرق. كان من بين الرهانات التي سعى إليها أعداء الأمة: صناعة الدمار والخراب، بالتخطيط ل «خريف عربي مدمر» يقضي على كل مكتسبات التنمية في الدول العربية، وإحداث الانقسامات فيها، وخلط الأوراق في قضية الصراع الشرق أوسطي بإثارة الصراع المذهبي من خلال مخطط صفوي، تكفلت به إيران، فكان التركيز على أهم دولتين في المنطقة وفي المنظومة العربية، وهما المملكة، ومصر، لذلك وبدافع الإحساس بالمسؤولية، وبدورها القيادي، وقفت المملكة إلى جانب مصر لدعم ثورة شعبها في ال 30 من يونيو 2013م، للإطاحة بحكم الإخوان، وإنقاذ مصر من دمار سيلحق بها كما لحق بالعراق، وسوريا، وليبيا، فسلمت مصر من مخططهم، وسلمت من مؤامراتهم. مصر العزيزة في قلوب كل العرب، التي إن نهضت، وقامت، نهض العرب وقاموا. لقد كان لزيارة الملك سلمان أهمية كبيرة كما أنها جاءت في توقيت مناسب و«ثمين»، فمصر عزيزة وغالية على قلب الملك سلمان، وقد تطوع للدفاع عنها خلال تعرضها إلى العدوان الثلاثي في عام 1956 م، وزارها زيارات عديدة، إلا أن زيارته التاريخية الأخيرة، فسَّرها المحللون بأنها الزيارة التي رسمت معالم العمل العربي المشترك بين المملكة ومصر من خلال علاقاتهما التاريخية، التي بدأت بشكل راسخ بلقاء جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز، وجلالة الملك فاروق، رحمهما الله، حيث أُعلن بعدها إنشاء جامعة للدول العربية لمت شتات فرقتهم، ووحدت كلمتهم. وتأتي زيارة الملك سلمان إلى مصر، ولقائه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لتُعلن عن عصر جديد لتحالف عربي جديد، سيثمر، إن شاء الله، عن جهود مشتركة للقضاء على الإرهاب في المنطقة، والإسهام في التنمية، والبدء بمرحلة البناء والاستقرار. * في حدث شهدته القاهرة لأول مرة، تحدث الملك سلمان للعرب وشعب مصر من داخل البرلمان المصري ليدشن عصراً جديداً للعمل المشترك بين البلدين، وشرق أوسط جديداً برؤية عربية.