استيقظ أهالي مدينة أبها صباح أمس، على أصوات السيول الجارفة وهي تجوب العديد من الأحياء، كاشفة مكامن التقصير ومفاصل الخلل في مشاريع تصريف مياه السيول، وحولت الأمطار التي استمرت قرابة ال 12 ساعة، الكثير من المواقع في مدينة أبها إلى بحيرات مائية، شلت الحركة المرورية، وألحقت الضرر بالمركبات، وداهمت أخرى، في حالة مطرية لم تشهدها المنطقة منذ عقود. فشل التصريف جرفت السيول القوية طبقات الأسفلت في حي المنسك بمدينة أبها، وتسببت في احتجاز عشرات المركبات، وجرف عدد منها، وتسببت في أضرار مختلفة لتلك المركبات، كما أحدثت السيول حفراً عميقة في بعض الطرق داخل الحي، مما شكل تهديداً على ثبات أعمدة الكهرباء، إذ بات بعضها آيلاً للسقوط، واستسلم المواطنون هناك للأمر الواقع، حيث بلغوا حالة من اليأس من تكرار مطالبهم بوضع حلول جذرية لتصريف السيول في داخل حيهم ولسانهم حالهم يقول - لا حياة لمن تنادي - فحيهم يعد من الأحياء الجديدة في مدينة أبها، خصوصاً أنه يحتضن الآن مقار حكومية عديدة مهمة، وتقطنه مئات الأسر، ويشغل حيزاً هاماً بسبب موقعه المميز والقريب من جامعة الملك خالد بالقريقر ومطار أبها. احتجازات حي الموظفين لم يختلف الحال كثيراً في حي الموظفين، بل كان أكثر سوءاً، حيث استنفرت فرق الدفاع المدني والمرور لإغلاق الطرق التي احتوت بحيرات مائية كشف تشكلها، عن فشل تصريف السيول بالشكل المناسب في تلك المواقع، وأطلقت فرق الدفاع المدني الإنذارات للمواطنين ومنعهم من وصولهم إلى الأودية أو تجمعات المياه، كما باشرت إنقاذ عدد من المحتجزين داخل مركباتهم، حيث احتجزت السيول عددا من المركبات، وتسببت في أزمة في حركة السير داخل الحي، الذي جزأته السيول، كما اضطر كثير من أصحاب المحلات التجارية إلى إغلاق محلاتهم حفاظاً على بضائعهم من دخول السيول متكبدين خسائر مالية جراء ذلك. وانتقد عدد من أهالي حيي الموظفين والبديع تباطؤ أمانة عسير في معالجة تصريف مياه الأمطار التي تغلق الشوارع الرئيسية في الحي عند هطول أي أمطار على المنطقة. وقال علي عسيري إن الوادي الفاصل بين حيي الموظفين والبديع يشهد مع كل هطول للأمطار جريانا قويا يتعدى العبارات الموضوعة من قبل الأمانة، مما يتسبب في إغلاق الشارع نهائياً واصطياد ضحايا بشكل مستمر، ورغم المعاناة التي عشناها في اليومين الماضية لم نر أي سيارة أو أي مراقب للأمانة في الموقع، سوى سيارات ورجال الدفاع المدني الذين أدوا واجبهم بكل اقتدار. إغلاق المسارات تسببت السيول الجارفة في احتجاز عدد من المركبات على الحزام الدائري في أبها وإغلاق الطريق بشكل شبه كامل، وأغلقت مدخل مبنى الأحوال المدينة هناك، وأعاقت حركة المراجعين، كما احتجزت السيول حافلة تابعة لجامعة الملك خالد، مخصصة لنقل الطالبات. كما تطوع عدد من المواطنين في تنظيم حركة السير مساندة لرجال المرور، والذين لجؤوا إلى إغلاق بعض المسارات وتحويل المركبات لفك الاختناقات المرورية التي حدثت. واضطرت دوريات المرور إلى دفع المركبات العالقة حتى إخراجها من التجمعات المائية، كما داهمت مياه الأمطار كثيرا من المركبات وتسببت في حوادث مرورية وأضرار مختلفة بها. مشاريع جديدة للسيول نفذ أمين منطقة عسير صالح القاضي جولة على عدد من المواقع في مدينة أبها ومحافظة خميس مشيط. وقال في تصريح إلى "الوطن"، إنه تم توجيه جميع الإدارات المعنية في الأمانة وجميع رؤساء البلديات بالاستنفار التام لمواجهة أي أضرار قد تنتج عن الأمطار والسيول ومعالجتها والتعامل معها مباشرة، بالتنسيق مع الجهات المعنية، كما وجه باستقبال البلاغات من المواطنين على مدار الساعة في كل وسائل التواصل الاجتماعي وكافة الوسائل الأخرى، وحصر نقاط تجمع مياه الأمطار عبر نظام ال Gis، وتحديد النقاط الحرجة في جميع المحافظات والمدن وتنزيلها على صورة من المخطط العام، وكذلك حصر المواقع التي تم إقرار مشاريع لها، وهي تحت الترسية أو استلمت من المقاول وفيها عوائق وتوضيحها، إضافة إلى تنزيل مسارات العبارات وفتحات التصريف للعبارات القائمة على النظام وتحديد مشاكلها ومعالجتها، ومراجعة وضعها في كافة المواقع، والتأكد من تنظيفها وتجهيزها لتصريف السيول بالشكل المناسب، ومعالجة أي ملاحظات يتم رصدها. وكشفت مصادر ل"الوطن" أن أمانة عسير رفعت بخطاب إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية لطلب ضرورة الإسراع باعتماد عدد من مشاريع تصريف السيول ودرء أخطارها. استنفار مروري قال مدير مرور منطقة عسير العقيد عبدالله الحويزي ل"الوطن" إن مرور عسير استنفر كامل طاقته، ووضع خطة محكمة للتعامل مع كافة الأحداث المصاحبة للحالة المطرية التي تشهدها المنطقة هذه الأيام. وأوضح أنه بعد ورود تنبيهات الجهات المعنية تم عقد اجتماع طارئ ووضع خطط للتعامل مع الحالات الطارئة، ومباشرة الحوادث المرورية، ومتابعة التطورات على مدار الساعة، مؤكدا أنه تم نشر كافة الفرق من ضباط وأفراد ومركبات مرورية رسمية وسرية، وتم توزيعها على الطرق الرئيسية والأحياء، وإغلاق الطرق التي تشكل خطورة على قائدي المركبات ووضع مسارات بديلة بالتنسيق مع مركز العمليات في إدارة مرور عسير. حوادث واحتجازات أوضح المتحدث الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في منطقة عسير العقيد محمد العاصمي أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة أمس، نتج عنها عدد من الحوادث جرّاء الرياح المصاحبة، حيث باشرت فرق الدفاع المدني جميع البلاغات التي تلقتها غرفة العمليات، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات المختصة كالكهرباء والأمانة والمرور والبلديات وإدارة الطرق لمعالجة الوضع كل فيما يخصه. وأبان العاصمي أن فرق الدفاع المدني باشرت إنقاذ عدد من المواطنين الذين احتجزتهم السيول في مجاري الأودية والمستنقعات الناجمة عن غزارة الأمطار في مختلف محافظات ومراكز المنطقة، مجدداً التحذير للمواطنين والمقيمين كافة إلى أخذ الحيطة والحذر، وعدم المجازفة بعبور الأودية التي تشكل خطورة في الوقت الراهن، والبقاء في منازلهم والاستماع إلى تعليمات الدفاع المدني وتنبيهاته. الجامعة تتجاهل التعليق أثار عدم تعليق جامعة الملك خالد للدراسة استياء الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم، خصوصاً أن كثيرا منهم لديهم اختبارات أو نسب غياب مرتفعة، مما يحتم عليهم الذهاب إلى الجامعة ويعرضون سلامتهم للخطر، وتساءلوا عن صمت الجامعة عن تعليق الدراسة رغم تعليقها في جميع مدارس التعليم بعسيروالمحافظات المجاورة لها، وطالبوا بضرورة مراعاة ذلك الأمر وعدم المجازفة بسلامتهم وتجاهل خطورة الأوضاع. مخططات عشوائية كشفت الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال اليومين الماضية على منطقة عسير عن عدة مخالفات تمثلت في السماح بإقامة مخططات في بطون الأودية، والترخيص بالبناء في مجاري السيول وعدم صيانة العبارات وتنظيفها، وعدم الرقابة على الإنشاءات والتعديات على مسايل الأودية. في إحدى المزارع بقرى الشرف التابعة لأبها اشتكى مواطن من الدمار الهائل الذي حل بمزرعته ومزروعاته بسبب ردم مجرى الوادي من أجل إنشاء أحد الطرق الهيكلية الجديدة وعدم مراعاة إنشاء عبارات تصريف. إغلاق الصماء تسببت الأمطار التي هطلت على محافظة رجال ألمع في إغلاق طريق عقبة الصماء التي تربط محافظة رجال ألمع بأبها بسبب الانهيارات الصخرية، وانحدار وضيق الطريق. وأوضح المتحدث الإعلامي للدفاع المدني في منطقة عسير أن طريق عقبة الصماء تم إغلاقه من الجهات المختصة، وذلك بسبب الانهيارات الصخرية، وأن السيول في مركز "الحبيل" تجاوزت العبارة التي تربط بين الجزء الشرقي والغربي من المركز، لكنها لم تقطع الطريق واستمر الأهالي في عبوره. إلى ذلك، بين بعض المواطنين أن طريق العقبة تم إغلاقه مساء أول من أمس لأكثر من ساعتين، وكذلك أمس مما أدى إلى تزاحم العابرين لهذا الطريق في أعلى العقبة وأسفلها، وانتقدوا وزارة النقل في تباطؤ إيجاد طريق بديل وآمن، مطالبا بسرعة تنفيذ مشروع يلبي حاجة الأهالي في محافظة رجال ألمع، والجهة الشمالية من المحافظة.