قد تأتينا مشاعر حائرة حول ما يجري، وقد تصل تلك المشاعر إلى ذروتها العليا بسبب بعض الممارسات، وفي كل حقبة تاريخية يطل علينا "معتوه" يُجّددها، أولئك المَعاتيه يظهرون بأشكال عدة، أشهرها وأكثرها ضررا حينما يتشكلون كجملة من الساسة والرؤساء، أو ممن يتبوؤون مناصب تجعل منهم مرتزقة وسفاحين يعيثون في البشرية قتلا وفي الأرض الدمار. يتقدمهم في وقتنا الحاضر بشار الأسد، ويسير معه في الاتجاه ذاته حسن نصر الله، وتقود ذلك كله دولة الشر إيران. أولئك الحمقى جعلوا من مدينة حمص وهي ثالث حواضر الشام، قصة مبكية بالدموع لمن يشاهدها، وبالدم لمن سكنها أو أحبها، فبفعل حماقات أولئك بلغ تعداد القتلى على يدهم وميليشياتهم قرابة 300 ألف مواطن سوري، ونزح ما يقارب من 12 مليون مواطن وجدوا ما وجدوا من التعب والنصب في البحر وطوابير اللجوء، بشار يعبث ببراميله وذاك بميليشياته والثالث بمستشاريه ومعاونيه ومن أرسلهم، حتى باتت سورية مأساة العصر ومسرح القتل والدمار والتشريد. صحيح أنه سبق لنا أن شعرنا بذات الشعور في كتب التاريخ، حينما قرأنا ما فعله هولاكو سنة 656ه في حاضرة الدنيا "بغداد" آنذاك، وما كرره جورج بوش الابن في العاصمة ذاتها سنة 2003 بحجة "وجود أسلحة الدمار الشامل، ووضع حد للدعم الذي يقدمه صدام حسين للإرهاب، وتحرير الشعب العراقي"، تلك الحجة كان نتاجها قتل مليون مواطن عراقي، وتيتيم 4 إلى 5 ملايين طفل حسب تقرير منظمة اليونيسيف، بل واختطاف دولة عربية وضياع مستقبلها في الوهم الإيراني، أضف لذلك الحروب التي نشبت بين طوائف الدولة نفسها، وكان الجانبان يدعيان إطفاء النار من جانب، فيما يجني من الجانب الآخر سرقة الآثار ونهب الثروات وأخذ النفط مقابل الغذاء، وبات الشعب منصة للتجارب والمدينة مستودعا للنفايات. لم يُطف الشعور مع تعاقب السنين بل جدده المحتل الصهيوني أرئيل شارون في حربه على غزة عام 2006، ولا غرابة هنا أن يفعل ذلك محتل ومجرم حرب في سيرته كثير من المجازر والقتل. أتأمل تلك الأسماء وما فعلت، ليطل عليّ الضمير النائم قائلا: إنها أفعال أشخاص ولا تمثل كل الدول المليئة بالحب والسلام، والدليل تكاتف الدول لإعمار برلين بعد دمار الحرب العالمية الثانية، لأسأله من سيعمر سورية وينشر الأمن في بغداد، ومن سيعيد حق فلسطين ليظل صامتا كصمت المجتمع الدولي والتقاعس الأممي عما يجري، مصفقين لروسيا والصين في حق الإجهاض "الفيتو". هنا أُعيد تذكر تواطؤ قادة المجتمع المتحضر، في ظل جودة التصوير وبشاعة الصورة ووجود شكليات الأمور وهدر مبادئها. ليعود الضمير مدافعا: كل أولئك قتلوا غير شعوبهم، على خلاف ما فعله بشار بشعبه، ليتجدد شعور جديد لديّ أن "الانتماء للبشرية لم يعد أمراً يفتخر به".