ألم يشعر بعد حسن نصر الله أن شعاراته البراقة لم تعد تجدي نفعا؟ وأن الاتهامات التي يسوقها في كل مرة يخطب بها تدحضها الأدلة الدامغة؟ فلا يزال حسن نصر الله يكسب رزقه من خلال استغلال التغذية الطائفية في منطقة الشرق الأوسط، واستغلال بعض العقول التي ينقصها كثير من الوعي والمعرفة، وتعيش في إطار من الجهل المشؤوم والتضليل الذي جعلها لا تعلم أن ميليشيا حزب الله شاركت حركة أمل في إبان الحرب الأهلية اللبنانية في مجازر المخيمات الفلسطينية، وارتكبت أبشع الجرائم الإنسانية، وأن ما يروج له من أن حزب الله تمكن بفضل صموده ومقاومته المزعومة من إجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من جنوبلبنان في عام 2000، لا يرتبط بالواقع بأي صلة، فأي تحرير كان وما زالت قرية الغجر تدفع الثمن، وما زالت تلال كفر شوبا محتلة ومعها مزارع شبعا التي لا يعرف حتى الآن إن كانت لبنانية أم سورية، ونصر 2006 الذي صنع من خلاله حسن نصر الله البطولة ووضع ميليشياته الإرهابية في صفوف الأبطال، نصر مزعوم ويتناقض مع الحقائق والنتائج، فلقد كانت الخسائر السياسية والاقتصادية والبشرية، بما في ذلك البنية التحتية للبنان، أكثر بكثير مما حدث للجانب الإسرائيلي، كما أن القرار 1701 يتطابق مع القرار 425 لعام 1978، فأي انتصار يمكن تسميته في هذه الحرب والهدف السياسي الإسرائيلي هو الذي تحقق، ومن المعلوم أن معيار الانتصار في الحروب هو تحقيق الهدف السياسي باستخدام عناصر القوة الوطنية الأربعة (معلوماتية، عسكرية، دبلوماسية، اقتصادية)، وإن كان ذريعة حرب 2006 التي روج لها حسن نصر الله وأبواقه وأذناب النظام الإيراني هو تخفيف الضغط على قطاع غزة من الهجوم الإسرائيلي، فقد هاجمت وحدات الجيش الإسرائيلي لأكثر من مرة قطاع غزة من بعد عام 2006 وحتى قبل تورط حزب الله في الحرب الأهلية السورية، ولم نر منه أو من ميليشياته المحترمة رد فعل كما حدث في عام 2006، ولو كان حزب الله حركة مقاومة وصمود كما تزعم، فلمَ لم تعمل على إكمال عملية تحرير الأراضي اللبنانية ومساندة النظام السوري في استعادة أراضي الجولان السورية المحتلة؟ بدلا من أن نرى رجاله يتاجرون في المخدرات في دول أميركا الجنوبية أو يعبثون في أمن الأوطان كما يحدث أو حدث في اليمن والبحرين والعراق وسورية والكويت ومصر وغيرها، والسؤال الأهم هل هذا يخدم البيئة الأمنية الإستراتيجية اللبنانية أم يخدم مصالح إيران؟ أم أن حسن نصر الله يرى لبنان مقاطعة إيرانية تتمتع بالحكم الذاتي؟ وإذا كانت السعودية هي من ترعى الإرهاب كما يزعم، وتدعمه تدريبا وتسليحا ومالا وإعلاما، فنحن لم نشاهد عمليات القاعدة وداعش الإجرامية في أراضي إيران، بل في السعودية نفسها، وكذلك نرى احتضان إيران لرواد الفكر المتطرف من تنظيمات إرهابية كالقاعدة وحزب الله وغيرها، أو لم يكن أحمد المغسل المتورط في تفجير أبراج الخبر في عقد التسعينات والذي قبض عليه بعملية مشتركة بين السعودية ولبنان، كان يعيش في طهران تحت حماية الحرس الثوري الإيراني وينتقل إلى لبنان، ويبقى فيها تحت حماية ميليشيا حزب الله؟ أو ليس سيد قطب وإنتاجه الفكري الذي يعد دستور تنظيمات القاعدة وداعش محل إعجاب مرشد النظام الإيراني خامنئي، والذي ترجم كتبه إلى الفارسية؟ إن الأدلة والوقائع التي تدل على أن الإرهاب وحسن نصر الله وميليشياته وجهان لعملة واحدة كثيرة.