تراه شيئا أسطوريا ويراه غيرك جنونا رسميا، فليس بالضرورة أن ينظر كلانا من زاوية واحدة لنتوصل للقناعة نفسها. بارك الله لك ما تؤمن به وحفظ لي ربي معتقدي. فما تراه فشلا بالنسبة لك ربما يكون لغيرك نجاحا، وما تصنفه ضمن قائمة الأخطاء هناك من يعده قمة الصواب والمنطق. فكل يحيا بأسلوبه ويحقق ذاته على طريقته. كم هو مرهق أن أبحث عن الأشياء المشتركة بيني وبينك لأتفاهم معك، ستضيع أشياؤنا الأصلية ونحن نبحث عن المشتركة. فدعنا نتجنب ذلك الصدام ونتقبل بعضنا البعض أو ننصرف ونترك العصافير تقع على أشكالها وندع الخلق للخالق يا عزيزي. الاختلاف سنة الحياة ولو لم يوجد لصارت حياتنا جحيما لا يطاق، جبلنا على ذلك لا أحد يشبه الآخر. ولو تأملنا أصابعنا لوجدنا أن كل إصبع بصمته تختلف جذريًا عن الآخر. فكيف نتفق نحن كأشخاص بعقليات في رؤوس منفصلة؟! يقال الاختلاف لا يفسد للود قضية، وأقول عندما يفرض أي شخص كان رأيه على الآخر يتحول لتعصب يفسد القضية. فتجدنا أحيانًا لا نختلف على وجهة النظر نفسها بل على طريقة الحوار، تتطاول الأصوات، ينحط الأسلوب، يسقط الاحترام فيخلق جدلا. فماذا لو تأسينا بعظماء الإسلام وكيف تعاملوا مع بعضهم البعض وهم في قمة الاختلاف.. اختلف ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما على قضية من قضايا الميراث. ومع ثقة ابن عباس بصحة اجتهاده رأى زيد بن ثابت يركب دابته يومًا فأخذ بركابها يقودها، فقال زيد: "تنح يا بن عم رسول الله". فقال ابن عباس: "هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبارنا". فقال زيد: "أرني يدك" فأخرج ابن عباس يده فقبلها ابن زيد وقال: "هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا". حقا لم تبق درجة من العظمة إلا بلغوها. فإلى أين السمو؟ إلى الجنة.